تقديم المشهور على الشاذّ. والمقبولة وإن كانت مشهورة بين العلماء حتّى سمّيت مقبولة ، إلاّ أنّ عملهم على طبق المرفوعة وإن كانت شاذّة من حيث الرواية ؛ حيث لم يوجد (١) مرويّة في شيء من جوامع الأخبار المعروفة ، ولم يحكها إلاّ ابن أبي جمهور عن العلاّمة مرفوعة إلى زرارة.
إلاّ أن يقال : إنّ المرفوعة تدلّ على تقديم المشهور رواية على غيره ، وهي هنا المقبولة. ولا دليل على الترجيح بالشهرة العمليّة.
مع أنّا نمنع أنّ عمل المشهور على تقديم الخبر المشهور رواية على غيره إذا كان الغير أصحّ منه من حيث صفات الراوي ، خصوصا صفة الأفقهيّة.
ويمكن أن يقال : إنّ السؤال لمّا كان عن الحكمين كان الترجيح فيهما من حيث الصفات ، فقال عليهالسلام : «الحكم ما حكم به أعدلهما ... الخ» مع أنّ السائل ذكر : «أنّهما اختلفا في حديثكم» ؛ ومن هنا اتفق الفقهاء على عدم الترجيح بين الحكّام إلاّ بالفقاهة والورع ، فالمقبولة نظير رواية داود بن الحصين الواردة في اختلاف الحكمين ، من دون تعرّض الراوي لكون منشأ اختلافهما الاختلاف في الروايات ، حيث قال عليهالسلام : «ينظر إلى أفقههما وأعلمهما (٢) وأورعهما فينفذ حكمه» (٣) ، وحينئذ فيكون الصفات من مرجّحات الحكمين.
نعم ، لمّا فرض الراوي تساويهما أرجعه الإمام عليهالسلام إلى ملاحظة
__________________
(١) كذا في النسخ ، والمناسب : «لم توجد».
(٢) في المصدر زيادة : «بأحاديثنا».
(٣) الوسائل ١٨ : ٨٠ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٠.