يقولون : (لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) (١) بالجزم ، و : لربه لكنود ، بغير تمام وله مال وغير عقيل وكلاب لا يوجد في كلامهم اختلاس ولا سكون في : له وشبهه ، إلّا في ضرورة نحو قوله.
له زجل كأنه صوت حاد
وقال :
إلا لأن عيونه سيل واديها
ونص بعض أصحابنا على أن حركة هذه الهاء بعد الفعل الذاهب منه حرف لوقف أو جزم يجوز فيها الإشباع ، ويجوز الاختلاس ، ويجوز السكون. وأبو إسحاق الزجاج ، يقال عنه : إنه لم يكن إماما في اللغة ، ولذلك أنكر على ثعلب في كتابه : (الفصيح) مواضع زعم أن العرب لا تقولها ، وردّ الناس على أبي إسحاق في إنكاره ، ونقلوها من لغة العرب. وممن ردّ عليه : أبو منصور الجواليقي ، وكان ثعلب إماما في اللغة وإماما في النحو على مذهب الكوفيين ، ونقلوا أيضا قراءتين : إحداهما ضم الهاء ووصلها بواو ، وهي قراءة الزهري ، والأخرى : ضمها دون وصل ، وبها قرأ سلام.
والباء في : بقنطار ، وفي : بدينار قيل : للإلصاق. وقيل : بمعنى على ، إذ الأصل أن تتعدى بعلى ، كما قال مالك : (لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ) (٢) وقال : (هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ) (٣) وقيل : بمعنى في أي : في حفظ قنطار ، وفي حفظ دينار. والذي يظهر أن القنطار والدينار مثالان للكثير والقليل ، فيدخل أكثر من القنطار وأقل. وفي الدينار أقل منه.
قال ابن عطية : ويحتمل أن يريد طبقه يعني في الدينار لا يجوز إلّا في دينار فما زاد ، ولم يعن بذكر الخائنين في : أقل ، إذ هم طغام حثالة. انتهى.
ومعنى : (إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) قال قتادة ، ومجاهد ، والزجاج ، والفراء ، وابن قتيبة : متقاضيا بأنواع التقاضي من : الخفر ، والمرافعة إلى الحكام ، فليس المراد هيئة القيام ، إنما هو من قيام المرء على أشغاله : أي اجتهاده فيها.
وقال السدي وغيره : قائما على رأسه وهي الهيئة المعروفة وذلك نهاية الخفر ، لأن
__________________
(١) سورة العاديات : ١٠٠ / ٦.
(٢) سورة يوسف : ١٢ / ١١.
(٣) سورة يوسف : ١٢ / ٦٤.