قول الزجاج. ويبعد الرابع لطول الفصل بين البدل والمبدل منه. والرابع اختيار الزمخشري وبه بدأ.
والخلاف في الملائكة : أهم جمع من الملائكة أو جبريل وحده على ما سبق قبل في خطابهم لزكريا ولمريم؟ وتقدم تكليم الملائكة قبل هذا التبشير بذكر الاصطفاء والتطهير من الله ، وبالأمن بالعبادة له على سبيل التأنيس واللطف ، ليكون ذلك مقدمة لهذا التبشير بهذا الأمر العجيب الخارق الذي لم يجر لامرأة قبلها ، ولا يجري لأمرأة بعدها ، وهو أنها تحمل من غير مس ذكر لها ، وكان جرى ذلك الخارق من رزق الله لها أيضا تأنيسا لهذا الخارق.
وقرأ ابن مسعود ، وابن عمر : وإذ قال الملائكة.
والكلمة من الله هو عيسى عليهالسلام ، سمي كلمة لصدوره بكلمة : كن ، بلا أب. قاله قتادة. وقيل : لتسميته المسيح ، وهو كلمة من الله أي : من كلام الله. وقيل : لوعد الله به في كتابه التوراة والكتب السابقة. وفي التوراة : أتانا الله من سيناء ، وأشرق من ساعر ، واستعلن من جبال فاران. وساعر هو الموضع الذي بعث منه المسيح. وقيل : لأن الله يهدي بكلمته. وقيل : لأنه جاء على وفق كلمة جبريل ، وهو : (إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) (١) فجاء على الصفة التي وصف. وقيل : سماه الله بذلك كما سمى من شاء من سائر خلقه بما شاء من الأسماء ، فيكون على هذا علما موضوعا له لم تلحظ فيه جهة مناسبة. وقيل : الكلمة هنا لا يراد بها عيسى ، بل الكلمة بشارة الملائكة لمريم بعيسى. وقيل : بشارة النبي لها.
(اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) الضمير في اسمه ، عائد على : الكلمة ، على معنى : نبشرك بمكون منه ، أو بموجود من الله. وسمي : المسيح ، لأنه مسح بالبركة ، قاله الحسن ، وسعيد ، وشمر. أو : بالدهن الذي يمسح به الأنبياء ، خرج من بطن أمّه ممسوحا به ، وهو دهن طيب الرائحة إذا مسح به شخص علم أنه نبي. أو : بالتطهير من الذنوب ، أو : بمسح جبريل له بجناحه أو : لمسح رجليه فليس فيهما خمص ، والأخمص ما تجافى عن الأرض من باطن الرجل ، وكان عيسى أمسح القدم لا أخمص له. قال الشاعر :
__________________
(١) سورة مريم : ١٩ / ١٩.