أنهم يوم القيامة يودون إن كانوا ماتوا وسويت بهم الأرض ، غير كاتمين الله حديثا ، فهي حال من بهم ، والعامل فيها تسوى. وهذه الحال على جعل لو مصدرية بمعنى أن ، ويصح أيضا الحال على جعل لو حرفا لما سيقع لوقوع غيره ، أي : لو تسوى بهم الأرض غير كاتمين الله حديثا لكان بغيتهم وطلبتهم. ويجوز أن يكون حالا من الذين كفروا ، والعامل يود على تقدير أن تكون لو مصدرية أي : يوم القيامة يود الذين كفروا إن كانوا سويت بهم الأرض غير كاتمين ، وتكون هذه الحال قيدا في الودادة. أي تقع الودادة منهم لما ذكر في حال انتفاء الكتمان ، وهي حالة إقرارهم بما كانوا عليه في الدّنيا من الكفر والتكذيب ، ويكون إقرارهم في موطن دون موطن ، إذ قد ورد أنهم يكتمون ، ويبعد أن يكون حالا على هذا الوجه. ولو حرف لما كان سيقع لوقوع غيره للفصل بين الحال ، وعاملها بالجملة. وإن كانت الواو في : ولا يكتمون ، للعطف فيحتمل أن يكون من عطف المفردات ، ومن عطف الجمل. فإن كانت من عطف المفردات كان ذلك معطوفا على مفعول يود أي : يودّون تسوية الأرض بهم وانتفاء الكتمان. ويحتمل أن يكون انتفاء الكتمان في الدنيا ، ويحتمل أن يكون في الآخرة ، وهو قولهم : والله ربنا ما كنا مشركين. ويبعد جدّا أن يكون عطف على مفعول يود المحذوف ، ولو حرف لما كان سيقع لوقوع غيره. وإن كانت من عطف الجمل فيحتمل أن يكون معطوفا على يود ، أي : يودّون كذا ولا يكتمون الله حديثا ، فأخبر تعالى عنهم بخبرين الودادة وانتفاء الكتمان ، ويكون انتفاء الكتمان في بعض مواقف القيامة. ويحتمل أن يكون مفعول يود محذوفا كما قرّرناه ، ولو حرف لما كان سيقع لوقوع غيره ، وجوابها محذوف كما تقدّم. والجملة من قوله : ولا يكتمون معطوفة على لو ومقتضيتها ، ويكون تعالى قد أخبر بثلاث جمل : جملة الودادة ، والجملة التعليقية من لو وجوابها ، وجملة انتفاء الكتمان.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) روي أن جماعة من الصحابة شربوا الخمر قبل التحريم ، وحانت صلاة ، فتقدّم أحدهم فقرأ : قل يا أيها الكافرون فخلط فيها فنزلت. وقيل : نزلت بسبب قول عمر ثانيا : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، وكانوا يتحامونها أوقات الصلوات ، فإذا صلوا العشاء شربوها ، فلا يصبحون إلا وقد ذهب عنهم السكر ، إلى أن سأل عمر ثالثا فنزل تحريمها مطلقا. وهذه الآية محكمة عند الجمهور. وذهب ابن عباس إلى أنها منسوخة بآية المائدة. وأعجب من هذا قول عكرمة : أن قوله لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى منسوخ بقوله : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ