بعد ذلك إنما يوجبها وقوع النشوز لا توقعه ، واحتج في جواز وقوع الخوف موقع اليقين بقول أبي محجن الثقفي رضياللهعنه :
ولا تدفنني بالفلاة فإنني |
|
أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها |
وقيل الخوف على بابه من بعض الظن. قال :
أتاني كلام من نصيب بقوله |
|
وما خفت يا سلام أنك عاتبي |
أي : وما ظننت. وفي الحديث : «أمرت بالسواك حتى خفت لأدردن» وقيل : الخوف على بابه من ضد الأمن ، فالمعنى : يحذرون ويتوقعون ، لأن الوعظ وما بعده إنما هو في دوام ما ظهر من مبادئ ما يتخوف.
والنشوز : أن تتعوج المرأة ويرتفع خلقها وتستعلي على زوجها ، ويقال : نسور بالسين والراء المهملتين ، ويقال : نصور ، ويقال : نشوص. وامرأة ناشر وناشص. قال الأعشى :
تجللها شيخ عشاء فأصبحت |
|
مضاعية تأتي الكواهن ناشصا |
قال ابن عباس : نشوزهنّ عصيانهنّ. وقال عطاء : نشوزها أن لا تتعطر ، وتمنعه من نفسه ، وتتغير عن أشياء كانت تتصنع للزوج بها. وقال أبو منصور : نشوزها كراهيتها للزوج. وقيل : امتناعها من المقام معه في بيته ، وإقامتها في مكان لا يريد الإقامة فيه. وقيل : منعها نفسها من الاستمتاع بها إذا طلبها لذلك. وهذه الأقوال كلها متقاربة.
ووعظهن : تذكيرهن آمر الله بطاعة الزوج ، وتعريفهن أنّ الله أباح ضربهن عند عصيانهن ، وعقاب الله لهن على العصيان قاله : ابن عباس. وقال مجاهد : يقول لها : اتقي الله ، وارجعي إلى فراشك. وقيل : يقول لها أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» وقال : «لا تمنعه نفسها ولو كانت على قتب». وقال : «أيما امرأة باتت هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح» وزاد آخرون أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم : العبد الآبق وامرأة بات عليها زوجها ساخطا وإمام قوم هم له كارهون».
وهجرهن في المضاجع : تركهن لكراهة في المراقد. والمضجع المكان الذي يضطجع فيه على جنب. وأصل الاضطجاع الاستلقاء ، يقال : ضجع ضجوعا واضطجع استلقى للنوم ، وأضجعته أملته إلى الأرض ، وكل شيء أملته من إناء وغيره فقد أضجعته.