عيره بالانهزام وبالفرار عن الأحبة. وقال آخر في المدح على الثبات في الحرب والقتل فيه :
وقد كان فوت الموت سهلا فرده |
|
إليه الحفاظ المرء والخلق الوعر |
فأثبت في مستنقع الموت رجله |
|
وقال لها من تحت أخمصك الحشر |
وقيل : المصيبة القتل في سبيل الله ، سموا ذلك مصيبة على اعتقادهم الفاسد ، أو على أن الموت كله مصيبة كما سماه الله تعالى. وقيل : المصيبة الهزيمة والقتل. والشهيد هنا الحاضر معهم في معترك الحرب ، أو المقتول في سبيل الله ، يقوله المنافق استهزاء ، لأنه لا يعتقد حقيقة الشهادة في سبيل الله.
وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (٧٣)
الفضل هنا : الظفر بالعدو والغنيمة. وقرأ الجمهور : ليقولن بفتح اللام. وقرأ الحسن : ليقولن بضم اللام ، أضمر فيه ضمير الجمع على معنى من. وقرأ ابن كثير وحفص. كأن لم تكن بتاء التأنيث ، والباقون بالياء. وقرأ الحسن ويزيد النحوي : فأفوز برفع الزاي عطفا على كنت ، فتكون الكينونة معهم والفوز بالقسمة داخلين في التمني ، أو على الاستئناف أي فأنا أفوز. وقرأ الجمهور : بنصب الزاي ، وهو جواب التمني ، ومذهب جمهور البصريين : أنّ النصب بإضمار أن بعد الفاء ، وهي حرف عطف عطفت المصدر المنسبك من أن المضمرة والفعل المنصوب بها على مصدر متوهم. ومذهب الكوفيين : أنه انتصب بالخلاف ، ومذهب الجرمي : أنه انتصب بالفاء نفسها ، ويا عند قوم للنداء ، والمنادي محذوف تقديره : يا قوم ليتني. وذهب أبو علي : إلى أن يا للتنبيه ، وليس في الكلام منادى محذوف ، وهو الصحيح. وكأن هنا مخففة من الثقيلة ، وإذا وليتها الجملة الفعلية فتكون مبدوءة بقد ، نحو قوله :
لا يهولنك اصطلاؤك للحر |
|
ب فمحذورها كان قد ألما |
أو بلم كقوله : «كأن لم يكن» «كأن لم تغن بالأمس» (١) ووجدت في شعر عمار الكلبي ابتداءها في قوله :
__________________
(١) سورة يونس : ١٠ / ٢٤.