قلنا : أصب من غدائنا نكتب لك ما تريد ، قال : إنّي صائم ، فعجبنا من صومه في تلك البريّة ، فلما فرغنا من غدائنا دعونا به فقلنا : ما تريد؟ فقال : أيها الرجل إنّ الدنيا قد كانت ولم أكن فيها ، وستكون ولا أكون فيها ، وإنّي أردت أن أعتق جاريتي هذه لوجه الله تعالى ، وليوم العقبة ، أتدري ما يوم العقبة قوله عزوجل : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ)(١)(فَكُّ رَقَبَةٍ)(٢) فاكتب ما أقول لك ولا تزيدنّ عليّ حرفا ، هذه فلانة خادم فلان قد أعتقها لوجه الله وليوم العقبة.
قال شبيب : فقدمت البصرة فأتيت بغداد فحدّثت بهذا الحديث المهدي فقال : مائة نسمة تعتق على عهدة الأعرابي.
أخبرنا أبو محمّد عبد الجبّار بن محمّد بن أحمد ، أنا علي بن أحمد بن محمّد الواحدي (٣) ، أنا أبو سعد بن أبي رشيد العدل ، نا أبو العبّاس أحمد بن عيسى الوشا ، نا محمّد ابن يحيى الصّولي ، نا محمّد بن العبّاس الرياشي عن الأصمعيّ (٤) قال : سمعت المهدي على منبر البصرة يقول : إنّ الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنّى بملائكته فقال : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(٥) آثره صلىاللهعليهوسلم بها من بين الرسل ، واختصّكم بها من بين الأمم (٦) ، فقابلوا نعمة الله بالشكر.
أخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنبأنا أبو الحسن الدّار قطني.
ح وأخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين المقرئ ، نا أبو الحسين بن المهتدي ، نا عبيد الله بن أحمد بن علي الصّيدلاني ، قالا : أنا الحسين بن إسماعيل القاضي ، نا عبد الله بن أبي سعد ، نا هارون بن ميمون الخزاعي ، نا أبو خزيمة الباذغيسي قال : قال المهدي أمير المؤمنين : ما توسّل إليّ أحد بوسيلة ، ولا تذرّع بذريعة هي أقرب إلى ما تحب من تذكيري يدا أسلفت مني إليه ، أتبعها أختها ، وأحسن ربّها ، لأن منع الأواخر يقطع شكر الأوائل.
رواها الخطيب (٧) عن سلامة بن الحسين المقرئ عن الدّار قطني.
__________________
(١) من قوله : أتدري ... إلى هنا سقط من «ز».
(٢) سورة البلد ، الآيات ١١ ـ ١٣.
(٣) رواه الواحدي في أسباب النزول ص ٢٠١.
(٤) ومن طريقه رواه السيوطي في تاريخ الخلفاء ص ٣٣٤.
(٥) سورة الأحزاب ، الآية : ٥٢.
(٦) في أسباب النزول : «الأنام».
(٧) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٥ / ٣٩٤.