هاهنا يا عم ، قال : فقال له محمد بن طلحة : إنما أردت أن استكنّ (١) من المطر ، قال : فقال له المهدي : سل حاجتك. قال : فسأله حاجته ، قال : فقال له المهدي : لم لا.
تقول لأخيك سفيان الثوري يأتينا؟ قال : إذن تكون له الحجة علي. قال : فقال له المهدي : كيف تكون له الحجة عليك؟ قال : يقول ما عملوا بما علموا ، فجاءهم ما لا يعلمون. فاحتاجوا إليّ. قال فقال له : فقل لنا أنت. قال : نعم ، تبيع قمنيسات (٢) بينك فترد على كل ذي حق حقه قال : أو غير هذا؟ قال : نعم ، نأمر بالصلاة جامعة واصعد المنبر. فاسأل الناس أن يسوغوك ما في يدك ، ثم تستقبل لهم العدل الآن. فقال : مقبول منك يا عم. قال : فانصرف محمّد بن طلحة. قال فقال المهدي لجلسائه : هذا الذي قلتم : إنه مغفل (٣)؟
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد ، نا ـ وأبو النجم بدر بن عبد الله ، أنا ـ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ قال (٤) : أخبرني علي بن أيوب أخبرنا محمّد بن عمران بن موسى ، أنا محمّد بن أحمد الكاتب ، أنا الحسين (٥) بن فهم حدّثني أبو همام حدّثني إبراهيم بن أعين قال : قال صالح المري دخلت على المهدي هاهنا بالرصافة فلما مثلت بين يديه قلت يا أمير المؤمنين احمد الله ما أكلمك به اليوم ، فإن أولى الناس بالله عزوجل أحملهم لغلظة النصيحة فيه ، وجدير بمن له قرابة برسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يرث أخلاقه ، ويأتم بهديه ، وقد ورثك الله من العلم (٦) ، وإنارة الحجة ميراثا قطع به عذرك ، فمهما ادّعيت من حجة ، أو ركبت من شبهة [لم](٧) يصح لك برهان من الله عزوجل [حل](٨) بك من سخط الله عزوجل بقدر ما تجاهلته من العلم ، وأقدمت عليه من شبهة الباطل ، واعلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خصم من ولي (٩) أمته ، يبتزها أحكامها ، ومن كان محمّد صلىاللهعليهوسلم خصمه كان الله عزوجل خصمه فأعد لمخاصمة الله عزوجل ومخاصمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم حججا تضمن لك النجاة أو استسلم للهلكة (١٠) ، واعلم أن أبطأ الصرعى نهضة صريع هوى يدعيه إلى الله عزوجل (١١).
__________________
(١) يعني : أستتر.
(٢) كذا رسمها في «ز» ، وفي المختصر : «تقوّم المحسبات ببيتك» وقد استدرك الكلمتين الأوليين بين معكوفتين.
(٣) في المختصر : قلتم : إنه ما يعقل.
(٤) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٩ / ٣٠٦.
(٥) عن تاريخ بغداد ، وفي «ز» : الحسن.
(٦) في تاريخ بغداد : من فهم العلم.
(٧) زيادة عن تاريخ بغداد.
(٨) زيادة عن تاريخ بغداد.
(٩) في تاريخ بغداد : خالفه في أمته.
(١٠) عن تاريخ بغداد ، وفي «ز» : للعقوبة.
(١١) في تاريخ بغداد : إلى الله قربة.