ابن إسحاق يقول : سمعت سعد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول : كان الشافعي ربما جاء راكبا إلى الباب فيقول : ادع لي محمّدا ، فأدعوه ، فيذهب معه إلى منزله ، فيبقى عنده ، ويقيل عنده ، قال أبو بكر بن إسحاق وهم أربعة إخوة : عبد الحكم ، وعبد الرّحمن ، ومحمّد ، وسعد ، وكان محمّد أعلم من رأيت على أديم الأرض بمذهب مالك بن أنس وأحفظهم ، سمعته يقول : كنت أتعجب ممن يقول في المسائل : لا أدري (١) قال أبو بكر محمّد بن إسحاق (٢) : فأما الإسناد فلم يكن يحفظه ، وكان أعبدهم وأكثرهم اجتهادا وصلاة سعد بن عبد الله ، وكان محمّد من أصحاب الشافعي ، وممن يتعلم منه ، فوقعت وحشة بينه وبين يوسف ابن يحيى البويطي في مرض الشافعي الذي توفي فيه فحدّثني أبو جعفر السكري (٣) صديق الربيع قال : لما مرض الشافعي ، مرضه الذي توفي فيه جاء محمّد بن عبد الحكم ينازع البويطي في مجلس الشافعي فقال البويطي (٤) : أنا أحق به منك ، وقال ابن عبد الحكم : أنا أحق بمجلسه منك ، فجاء الحميدي وكان في تلك الأيام بمصر ، فقال : قال الشافعي : ليس أحد أحق بمجلسي من يوسف بن يحيى البويطي ، فليس أحد من أصحابي أعلم منه ، فقال له محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم : كذبت ، فقال له الحميدي : كذبت أنت وكذب أبوك وكذبت أمك وغضب محمّد بن عبد الحكم فترك مجلس الشافعي وتقدم فجلس في الطاق الثالث وترك طاقا بين مجلس الشافعي ومجلسه وجلس البويطي في مجلس الشافعي في الطاق الذي كان يجلس فيه ، وهو الطاق الذي كان يجلس فيه الربيع في أيامنا إلّا أن الشافعي رحمهالله كان يجلس مستقبل القبلة ، فكان الربيع يجلس مستدبر القبلة.
قال أبو بكر محمّد بن إسحاق (٥) : وقال لي محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم : كان الحميدي معي في الدار نحوا من سنة ، وأعطاني كتاب ابن عيينة ، ثم أبوا إلّا أن يوقعوا بيننا ما وقع.
أخبرنا أبو الحسن (٦) علي بن الحسن بن الحسين ، أنا القاضي أبو عبد الله القضاعي
__________________
(١) طبقات الشافعية للسبكي ٢ / ٦٨ وسير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٩٨.
(٢) تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٤٧ وطبقات الشافعية ٢ / ٦٨ وسير الأعلام ١٢ / ٤٩٨ وميزان الاعتدال ٣ / ٦١١.
(٣) تحرفت في «ز» إلى : «السكوني» والمثبت عن د.
(٤) هو يوسف بن يحيى البويطي ، أبو يعقوب ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٢ / ٥٨ وتاريخ بغداد ١٤ / ٢٩٩.
(٥) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٩٩ وطبقات السبكي ٢ / ٦٩.
(٦) تحرفت في «ز» ، وهو الأصل المعتمد ، إلى «الحسين» والمثبت عن د.