برشك ، واتهمه المتغلّب يومئذ على البلد زيرم (١) بن حماد ، بأن عنده وديعة من المال لبعض أعدائه ، فطالبه بها ، فلاذ بالامتناع ، وبيّته زيرم ، لينتزع المال من يده ، فدافعه وقتل ، (٢) وارتحل ابناه هذان الأخوان إلى تونس في المئة السابعة ، وأخذا العلم بها عن تلاميذ ابن زيتون ، وتفقّها على أصحاب أبي عبد الله بن شعيب الدّكّالي ، وانقلبا إلى المغرب بحظ وافر من العلم. وأقاما بالجزائر (٣) يبثان بها العلم ، لامتناع برشك عليهما من أجل (ضرر) (٤) زيرم المتغلّب عليها ، والسّلطان أبو يعقوب (٥) يومئذ ، صاحب المغرب الأقصى من بني مرين ، جاثم على تلمسان يحاصرها الحصار الطويل المشهور ، (٦) وقد بثّ جيوشه في نواحيها ، وغلب على الكثير من أعمالها وأمصارها ، وملك عمل مغراوة بشلف ، (٧) وحاضرته مليانة ، (٨) فبعث عليها الحسن بن علي بن أبي الطلّاق من بني عسكر ، وعليّ بن محمد الخيري من بني ورتاجن ، ومعهما ـ لضبط الجباية واستخلاص الأموال ـ الكاتب منديل بن محمد الكناني ، (٩) فارتحل هذان الأخوان يومئذ من الجزائر ،
__________________
(١) اسمه زيرى بالياء ، فتصرفت العامة فيه ، وصار زيرم بالميم. وانظر أخباره في تاريخ بن خلدون ٧ / ٩٩.
(٢) وقد انتقم لها الوالد ابنه الأكبر ، أبو زيد عبد الرحمن. انظر العبر ٧ / ١٠٠.
(٣) تسمى أيضا جزائر بني مزغنّاي (Algiers) عرضها الشمالي ٥٠ ـ ٣٦ ، وطولها الشرقي ٥ ـ ٣) :
عاصمة القطر الجزائري. ياقوت ٣ / ٩٣.
(٤) الزيادة عن البستان حيث نقل عن ابن خلدون.
(٥) هو يوسف بن يعقوب بن عبد الحق المريني المقتول سنة ٧٠٦. انظر ترجمته في الدرر الكامنة ٤ / ٤٨٠.
(٦) دام هذا الحصار ثمانية أعوام ، وثلاثة أشهر. انظر أخباره ، وما جرّه على أهل تلمسان من محن ، في العبر ٧ / ٩٥ ، الدرر الكامنة ٤ / ٤٨٠.
(٧) شلف ، بفتح الشين واللام (Chelif) البسيط الممتد فيما بين مدنية مستغانم ، ومدينة الجزائر ؛ ويقال لهذا البسيط أيضا ، وادي شلف.
(٨) مليانة بالكسر ثم السكون ، وياء مثناة ، وبعد الألف نون : مدينة بإفريقية ، بينها وبين تنس أربعة أيام. ياقوت ٨ / ١٥٥.
(٩) انظر بعض أخباره ، وكيف نكب في العبر ٧ / ٢٤٥.