أن عاد طاهر بن الحسين من خراسان ، فحمله معه إلى سرّ من رأى ، وكان أبو عبيد ديّنا ورعا ، جوادا.
قال (١) : وحدّثنا أبو العلاء القاضي ، أنبأنا محمّد بن جعفر التميمي ، حدّثنا أبو علي النحوي ، حدّثنا الفسطاطي قال :
كان أبو عبيد مع ابن طاهر فوجّه إليه أبو دلف يستهديه أبا عبيد مدة شهرين ، فأنفذ أبا عبيد إليه ، فأقام شهرين ، فلما أراد الانصراف وصله أبو دلف بثلاثين ألف درهم ، فلم يقبلها وقال : أنا في جنبة رجل ما يحوجني إلى صلة غيره ، ولا (٢) أخذ ما فيه على نقص ، فلمّا عاد إلى طاهر وصله بثلاثين ألف دينار بدل ما وصله أبو دلف ، فقال له : أيها الأمير قد قبلتها. ولكن قد أغنيتني بمعروفك وبرّك وكفايتك عنها ، وقد رأيت أن اشتري بها سلاحا وخيلا ، وأوجّه (٣) بها إلى الثغر ليكون الثواب متوفرا على الأمير ، ففعل.
قال : وحدّثني أبو القاسم الأزهري ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا عبيد الله بن عبد الرّحمن السكري قال : قال أحمد بن يوسف ـ أما سمعت منه أو حدّثت به عنه ـ قال : لما عمل أبو عبيد كتاب غريب الحديث عرض على عبد الله بن طاهر فاستحسنه وقال : إنّ عقلا بعث صاحبه على عمل مثل هذا الكتاب لحقيق أن لا يحوج إلى طلب المعاش ، فأجرى له عشرة آلاف درهم في كل شهر.
قال الخطيب : كذا قال الأزهري لي : عشرة آلاف درهم في كل شهر.
وأخبرنا (٤) القاضي أبو محمّد الحسن بن الحسين بن رامين الأستراباذي ، حدّثنا أبو الحسن محمّد بن محمّد بن هارون التميمي المرورّوذي ، حدّثني أبي قال : سمعت الحسن بن محمّد بن موسى الهروي قال : سمعت حارث بن أبي أسامة يقول : حمل غريب حديث أبي عبيد إلى عبد الله بن طاهر فلما نظر فيه قال : هذا رجل عاقل دقيق النظر ، فكتب إلى إسحاق ابن إبراهيم بأن يجري عليه في كل شهر خمسمائة درهم ، فلما مات عبد الله أجرى عليه إسحاق بن إبراهيم من ماله ، فلما مات أبو عبيد أجرى إسحاق بن إبراهيم على ولده حتى مات.
__________________
(١) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٢ / ٤٠٦.
(٢) غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن «ز» ، وتاريخ بغداد ، وفي م : فلا.
(٣) في تاريخ بغداد ١٢ / ٤٠٦ : وأتوجه بها.
(٤) الخبر في تاريخ بغداد ٢ / ٤٠٦ ـ ٤٠٧.