الخطيب (١) قال : قرأت على أحمد بن علي بن التوزي ، عن أبي عبيد الله المرزباني ، حدّثنا أحمد بن كامل القاضي قال : كان أبو عبيد القاسم بن سلّام فاضلا في دينه وفي علمه ، ربانيا ، متفننا (٢) في أصناف من علوم الإسلام ، من القرآن ، والفقه ، والعربية ، والأخبار ، حسن الرواية ، صحيح النقل ، لا أعلم أحدا من الناس طعن عليه في شيء من أمره ودينه.
قال الخطيب (٣) : وقرأت على أحمد بن علي بن الحسين المحتسب عن محمّد بن عمران بن موسى المرزبان قال : قال عبد الله بن جعفر ـ يعني ـ ابن درستويه الفارسي النحوي ـ من علماء بغداد المحدّثين النحويين على مذهب الكوفيين ورواة اللغة والغريب عن البصريين والكوفيين ، والعلماء والقراءات ، ومن جمع صنوفا من العلم ، وصنّف الكتب ، في كل فنّ من العلوم والآداب (٤) فأكثر وشهر ، أبو عبيد القاسم بن سلّام ، وكان مؤدبا لآل هرثمة ، وصار في ناحية عبد الله بن طاهر ، وكان ذا فضل ودين ، وستر ، ومذهب حسن ، روى عن أبي زيد الأنصاري ، وأبي عبيدة ، والأصمعي ، واليزيدي ، وغيرهم من البصريين ، وروى عن ابن الأعرابي ، وأبي زياد الكلابي ، وعن الأموي ، وأبي عمرو الشيباني ، والكسائي ، والأحمر ، والفراء ، وروى الناس من كتبه المصنفة بضعة وعشرين كتابا في القرآن والفقه وغريب الحديث ، والغريب المصنف ، والأمثال ، ومعاني الشعر ، وغير ذلك ، وله كتب لم يروها ، قد رأيتها في ميراث بعض الطاهريين تباع كثيرة في أصناف الفقه كله ، وبلغنا أنه كان إن ألّف كتابا أهداه إلى عبد الله بن طاهر ، فيحمل إليه مالا خطيرا ، استحسانا لذلك ، وكتبه مستحسنة مطلوبة في كلّ بلد ، والرواة عنه مشهورون ثقات ذوو ذكر ونبل ، قال : وقد سيق إلىّ جميع مصنفاته ، فمن ذلك الغريب المصنف ـ وهو من أجلّ كتبه في اللغة ـ فإنه احتذى فيه كتاب النّضر بن شميل (٥) المازني الذي يسميه : «كتاب الصفات» ، وبدأ فيه بخلق الإنسان ، ثم بخلق الفرس (٦) ثم بالإبل ، فذكر صنفا بعد صنف ، حتى أتى على جميع ذلك ، وهو أكبر من كتاب
__________________
(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٢ / ٤١١.
(٢) بالأصل : «مفننا» وفي «ز» : «مفتيا» وفي م : «متقنا» والمثبت عن تاريخ بغداد ، فالخبر يسنده المصنف إلى أبي بكر الخطيب.
(٣) رواه في تاريخ بغداد ١٢ / ٤٠٤.
(٤) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي تاريخ بغداد : والأدب.
(٥) بالأصل : «النصر بن شهيل» وفي «ز» : «البصري شميل» والتصويب عن م وتاريخ بغداد.
(٦) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» وتاريخ بغداد : بخلق العرش.