فنحرها لهم في مواطن ثلاثة ، كلّ يوم جزورا ، فلمّا كان اليوم الرابع نهاه أميره ، وقال : تريد أن تخفر ذمّتك ولا مال لك.
قال محمّد : فحدّثني محمّد بن يحيى بن سهل عن أبيه ، عن رافع بن خديج قال : أقبل أبو عبيدة ومعه عمر ، فقال : عزمت عليك أن لا تنحر أتريد أن تخفر ذمتك؟ قال قيس : يا أبا عبيدة ، أترى أبا ثابت (١) يقضي (٢) ديون الناس ويحمل (٣) الكلّ ، ويطعم في المجاعة لا يقضى عنه وسقة من تمر لقوم مجاهدين في سبيل الله ، فكاد أبو عبيدة أن يلين له ، وجعل عمر يقول : أعزم ، فعزم عليه وأبى أن ينحر ، وبقيت جزوران ، فقدم بهما قيس المدينة ظهرا يتعاقبون عليهما ، وبلغ سعدا ما أصاب القوم من المجاعة فقال : إن يك قيس كما أعرف فسينحر للقوم ، فلمّا قدم قيس لقيه سعد فقال : ما صنعت في مجاعة القوم؟ قال : نحرت ، قال : أصبت ، قال : ثم ما ذا؟ قال : نحرت ، قال : أصبت ، قال : ثم ما ذا؟ قال : نحرت ، قال : أصبت ، قال : ثم ما ذا؟ قال : نهيت ، قال : من نهاك؟ قال : أبو عبيدة أميري ، قال : ولم؟ قال : زعم أنه لا مال لي ، وأن المال لأبيك ، فقلت : أبي يقضي عن الأباعد ، ويحمل الكلّ ، ويطعم في المجاعة ولا يصنع هذا بي ، قال : فلك (٤) أربع حوائط أدناها حائط منه تجذّ (٥) خمسين وسقا ، قال : وقدم البدوي مع قيس فأوفاه سقته (٦) وحمله وكساه فبلغ ذلك النبي صلىاللهعليهوسلم فعل قيس فقال : «إنّه في قلب (٧) بيت جود» [١٠٥٨١].
قال محمّد : فحدّثني عبد الله بن الحجازي عن عمر بن عثمان بن شجاع قال :
لما قدم الأعرابي قال : والله ما مثل أبيك ضيعت (٨) ولا تركت بغير مال فأبوك سيد من سادات قومك ، نهاني الأمير أن أبيعه ، فقلت : لم؟ قال : لا مال له ، فلما انتسبت عرفته] وتقدمت لما أعرف أنك تسمو إلى معالي الأخلاق وجسيمها ، وأنك غير مدبر ، ولا معرفة لديك ، فأعطى ابنه (٩) يومئذ أموالا عظاما.
__________________
(١) بالأصل : «أنا نانف» والمثبت عن م و «ز».
(٢) الأصل : نقض ، والمثبت عن م و «ز».
(٣) الأصل : بجعل ، والمثبت عن م و «ز».
(٤) الأصل : تلك ، والمثبت عن م و «ز».
(٥) بالأصل وم : «تجد» وفي «ز» : «تحمل» والصواب ما أثبت.
(٦) الأصل وم و «ز» : وسقه.
(٧) كذا بالأصل وم ، وكلمة «قلب» سقطت من «ز».
(٨) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : صنعت.
(٩) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : إليه.