الحراثة إلى أن بقي للصيف شهر واحد في القول الذي ليس من أقوال الرثاثة ، فأرسل الله مطره النافع للعباد ، وأزال ما بهم من التخمين والكساد ، ونبت الحبّ وتمت الصابة وحصدوا ، وبلغوا مناهم فشكروا الله على ما أولاهم وحمدوا ، فسميت تلك السنة بصابة الشهر ، وتعاطى اسمها في البدو والحضر. قال واجترأ على العلماء والأولياء والشرفاء والرعية فبان منه الجور والظلم والتعدي ، وكثر منه الضلال وهتك المحارم والتردي ، وطغا وتجبّر وتكبر وكثر منه الفساد والسفك بغير موجب لدماء العباد ، ولم يراقب في ذلك خالقه ولم ينظر ليوم المعاد ، فقتل في سنة تسع وثلاثين ومائتين وألف (١) ، قتلة ذميمة ، ولي الله الفقيه السيد محمد ابن أحمد الصدمي من أولاد سيدي بن حليمة ، لمّا سعى به خاله أبو ذريع عنده (ص ٢٩٩) بأنه يريد أن يقوم عليه بغتة بالعقبة ، فبعث له ما أتاه به وعلى رأسه ساجل من / الحلفاء ظليلة على عمود نكاية له إلى أن وصل بتلك الحالة لوهران فعلّقه بها مع الخشبة. وفيها في شهر شعبان أمر بقطع رأسي الفقيهين العالمين الجليلين ، الوليين الكاملين الجميلين ، السيد بن عبد الله بن حواء التجيني الدرقاوي والسيد فرقان الفليتي بغير الكلام وأكثر من الخظية وهي العقوبة بالمال للرعية ، ولم يراقب فيها قط الأحوال المرعيّة ، حتى صار يقول لعماله من اصطاد لنا حجلة فله جناحها ، وربحها ونجاحها ، يريد بذلك أن من سعى عنده بأحد للعقوبة بالمال والساعي من الخواص ، فإنه يأخذ حظه من الخطية وهو القدر الذي يأخذه من الأجرة لما يذهب للخلاص ، ولشدة ظلمه أمر كاتبه أن يكتب لمن يريد أن يخطّيه على الفورية ، إنما استوجبت هذه العقوبة لخدمتك الرّدية. وأنه في بعض الأيام نظر لضعف الرعية وحصول الغنا للقواد والأغات والعمّال ، استعمل حيلة ليأخذ بها منهم ما شاءه من الأموال ، فقال لهم وهم بمجلسه حجيتكم أيها السادات الكرام الدائرين بي في هذا المقام ، إني هزلت من اليدين والرجلين وسمنت من الأذنين والعينين ، فتحيّر عمّاله في فهم حجّايته ، وأمعنوا النظر في فكها كل بحسب عنايته إلى أن قال لهمءاغة المعظم الوجيه النبيه المحترم من خاض البحور في فهم المعاني إلى أن أظهرها لكل قاص منهم والداني ، المعتصم في
__________________
(١) الموافق ١٨٢٣ ـ ١٨٢٤ م.