وستين منه (١) جهز لوزيره جيشا لإطراد المنافقين فأزعجهم إلى المسيلة ومات وولّى بموضعه أخاه عثمان بن مسلم فاجتمعت عليه الحشود فأرسل ابنه أبا تاشفين ثم لحقه في جيشه ولما حل بالبطحاء نزل العدوّ بغليزان ووقع الحرب بينهما يوما كاملا وأبو حمّ بمحلته ينظر ففرّ عنه الناس ولم يشعر إلى أن وجد نفسه منفردا بخاصته فارتحل لحضرته وتكالب عليه العدو وزاد معه إلى سيق كأنه جراد منتشر واشتدّ القتال في الثنية فقطع رأس بعض أعيانهم فرجعوا منهزمين وذهب لحضرته. ولقد انتكب ثلاث نكبات : واحدة بناحية بجاية ، والأخرى بتسكاله ، وأخرى بوانسريس ، والأمر لله وحده. وفي سنة ست وستين منه (٢) اجتمعت عليه العرب لأمر لم يرده الله فذهبوا خائبين وأذعنوا بالطاعة ، وأتى سويد لبابه الكريم يتلمسون الرضى فأصفح (كذا) عنهم وعفا ، وحضرت ليلة الميلاد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام فاحتفل لها كعادته وأنشد قصيدته الجيمية المسمّة (كذا) بالمنفرجة المحتوية على أربعين بيتا من بحر البسيط مطلعها بتمامها للفائدة فيها بالتوسل :
يا من يجيب دعا المضطر في الدّيج |
|
ويكشف الكرب عند الضيق والهرج |
ولطف رحمته يأتي على قنط |
|
إذا القنوط دعا يا أزمة الفرج |
ومن إذا حلّ خطب واعترى توب |
|
أبدا (كذا) من اللطف ما لم يجر في المهج |
إني دعوتك جنح الليل يا املي |
|
دعاء مبتهل بالعفو مبتهج |
يا كاشف الضر عن أيوب حين دعا |
|
قد مسّني الضر فاكشف ضرّ كل شجّ |
أنت المنجي لنوح في سفينته |
|
ومخرج يونس من ضيقة اللّجج |
يا من وقى يوسف الصّديق كلّ أذى |
|
لما رموه بجبّ ضيّق حرج |
أجاب يعقوب لمّا أن بكا وشكا |
|
وجاءه منه لطف لم يخله يج |
وعاد بعد بصيرا حين هبّ له |
|
نسيم نشر القميص الطّيب الأرج |
(ص ١٢٦) / نجّا من النّار إبراهيم حين رمي |
|
فيها وعادت سلاما دون ما وهج |
يا من تكفّل موسى وهو منتبذ |
|
باليمّ في جوف تابوت على لجج |
__________________
(١) الموافق ١٣٦٣ ـ ١٣٦٤ م.
(٢) الموافق ١٣٦٤ ـ ١٣٦٥ م.