على وادي بجاية فبنيت في أربعين يوما وسمّاها تمزريدت الشرقية (١) وأما الغربية فهي التي / بجبل بني ورنيد كما مرّ. وجهز عامله يحيى الجمي جيوشا لغزو (ص ١٠٣) تونس تحت نظر ابن أبي عمران الحفصي فلقيهم مالكها أبو يحيى بجيوشه فهزموه واستولوا على حريمه وذخائره ومحلاته وأفلت جريحا لقسنطينة وزادوا فدخلوها واستراحوا بها أربعين يوما وأسلموها لابن أبي عمران فبعث له أبو سعيد المريني على الإقلاع عن بجاية فأبى وهمّ أبو سعيد بقتاله فعاجلته منيته (كذا). وكان له بالعلم وأهله احتفال عظيم فقد ورد عليه أبو موسى المشذالي فأكرمه وولّاه التدريس بمدرسته الجديدة وورد عليه أبو العباس البجائي تاجرا ودخل المدرسة القديمة فألفاهم يتكلمون بمجلس أبي زيد بن الإمام في قول ابن الحاجب في الأصول في حدّ العلم أنه صفة توجب تمييزا لا يحتمل التنقيض فقال يا سيدي هذا الحد غير مانع لانتقاضه بالفصل والخاصة فقال أبو زيد من المتكلم فقال أحمد البجائي فقال يقع الجواب بعد الضيافة وأنزله وأكرمه وسأله عن مقدمه فقال تاجرا فعرّف به الأمير فرفع عنه مغرمه ومن معه قدره مائة دينار وزاده صلة مائة دينار ذهبا ، ووقع بمجلسه السؤال عن ابن القاسم هل هو مقلدا أو مجتهد فقال أبو زيد مقلد النظر بأصول مالك وقال المشذالي مجتهد مطلق الاجتهاد واحتجّ بمخالفته لمالك في بعض المسائل واستظهر أبو زيد نصّ ابن التلمساني الذي مثل به للاجتهاد المخصوص / بابن القاسم لمالك والمازني (ص ١٠٤) للشافعي فقال المشذالي هذا مثال لا تلزم صحته. وحرك عليه أبو الحسن المريني فنزل بتاسالة وأطال بها إلى أن ثار عليه أخوه بسجلماسة فرجع له إلى أن قتله ومهّد المغرب ثم رجع لتلمسان وحاصرها وبنى عليها مدينته التي هي الآن محراث ولم يزل أبو تاشفين وأولاده ووزيره في المقاتلة معه إلى أن استشهدوا جميعا في يوم الأربعاء ثامن عشرين رمضان سنة سبع وثلاثين من الثامن (٢) فدخلها المريني وبموته جرّ الحادث ، والخطب الكارث ، على الدولة الزيانية القفا ، وكدر بنيها الحنسى ما كان صفا.
__________________
(١) وهي قرية أقبو الحالية. على الضفة الغربية لوادي الصوماح.
(٢) الموافق ١٠ أبريل ١٣٣٧ م.