وملك بعدوة الأندلس من أفراغة قاصية أرض الفرنج إلى إشبونة حدها من المغرب عند البحر المحيط وذلك مسيرة شهر وثلاثة أيام طولا ، والعرض نحو العشرين يوما وبسط فيها أيضا العدل وأبطل المكس وبايعه بها ثلاثة عشر ملكا وخطب له على ألف منبر وتسعمائة منبر وساست ملكه زوجه زينب وماتت سنة أربع وستين وأربعمائة (١) وكان رحمهالله زاهدا يلبس الصوف ويأكل خبز الشعير بلبن الإبل ولحومها ، وغالب أكل جنده الجيّد كالدرمك والفالوج ونحوهما ، وجدد السكة من واقعة الزلاقة فنقش في ديناره في جهة : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وتحته أمير المؤمنين يوسف بن تاشفين ، وفي الدائرة : ومن يبتغ غير الإسلام دينا إلى الخاسرين. وفي الصفحة الأخرى الأمير عبد الله أمير المؤمنين العباسي وفي الدائرة تاريخ الضرب وموضع السكة. ولد رحمهالله سنة أربعمائة وتوفي سنة خمسمائة (٢) عن مائة سنة بعد ما ملك أربعين سنة ودفن بمراكش وقبره بها من أعظم المزارات وعليه مشهد عظيم.
ثم ملك وهران بعده ابنه علي ، تولى / بموضع أبيه قيل سنة خمسمائة وقيل (ص ٦١) سنة واحد وخمسمائة (٣) وهو ابن ثلاث وعشرين سنة ، فملك جميع الغرب من بجاية لسوس الأقصا وللقبلة من سجلماسة لجبل الذهب في السودان والأندلس شرقا وغربا وخطب له على ألفين وثلاثمائة منبر وكان محبّا لأبي الوليد بن رشد فولاه القضاء بقرطبة سنة تسع وخمسمائة (٤) وعزله منها سنة ثلاثة عشر وخمسمائة (٥) وجعل بدله أبا القاسم ابن حميدين فشرع ابن رشد في شرح العتيبة وسماه بالتحصيل والبيان. وفي أعوام العشرة الثانية أمر بحرق كتاب الإحياء للغزالي لما فيه من التشديد بإغراء أبي القاسم ابن حمدين وموافقة ابن رشد والقاضي عياض. وفي أيامه ظهر أمر الشريف المهدي بن تومرت القائم بدولة
__________________
(١) الموافق ١٠٧١ ـ ١٠٧٢ م.
(٢) الموافق ١١٠٩ ـ ١١٠٧ م.
(٣) تولى علي بن يوسف الملك عام ٥٠٠ ه الموافق ١١٠٦ م
(٤) الموافق ١١١٥ ـ ١١١٦ م.
(٥) ١١١٩ ـ ١١٢٠ م.