الدنيا ممرّ والآخرة مرجع ، والقبر برزخ بينهما ، فمن طلب الآخرة لم يفته رزقه ، ومن طلب الدنيا لم يعجز الملك عند انقضاء أيامه.
وكان يتقي ويقول : كلنا قد أيقن بالموت وهو مقصر عن نفسه ، كأنه لا يخاف عليها الفوت.
أخبرنا أبو السعادات أحمد بن أحمد بن عبد الواحد ، وأبو [محمد](١) عبد الكريم بن حمزة ، قالا : أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو سعيد الصيرفي ، نا أبو عبد الله محمّد (٢) بن عبد الله الأصبهاني الصّفّار ، نا ابن أبي الدنيا ، حدّثني محمّد بن الحسين ، حدّثني شهاب بن عبّاد ، نا سويد بن عمرو الكلبي ، عن مسلمة بن جعفر ، حدّثني أبو المحجل (٣) الأسدي قال (٤) : قال عون بن عبد الله :
داووا الذنوب بالتوبة ، ولربّ تائب دعته توبته إلى الجنة (٥) حتى أوفدته عليها.
قال : وقال عون (٦) :
قلب المرء التائب بمنزلة الزجاجة يؤثر فيها جميع ما أصابها ، فالموعظة إلى قلوبهم سريعة وهم إلى الرقة أقرب.
قال : وقال عون بن عبد الله :
جالسوا التوّابين ، فإنّ رحمة الله إلى النادم أقرب (٧).
قال (٨) : وحدّثني محمّد بن الحسين ، نا بكر بن محمّد البصري ، نا سالم بن نوح العطار ، عن عمرو (٩) بن موسى القرشي ، عن عون بن عبد الله قال :
جرائم التوابين منصوبة بالندامة نصب أعينهم ، لا يقرّ للتائب بالدنيا عين كلما ذكر ما اجترح على نفسه.
وكان يقول : التائب أسرع دمعة وأرق قلبا.
__________________
(١) الزيادة عن م.
(٢) في م : ابن محمد.
(٣) في حلية الأولياء ٤ / ٢٥٠ أبو العجل الأسدي.
(٤) الخبر في حلية الأولياء ٤ / ٢٥٠.
(٥) بالأصل : إلى الحسنة ، والمثبت عن م والحلية.
(٦) حلية الأولياء ٤ / ٢٥٠.
(٧) حلية الأولياء ٤ / ٢٥١ وفيها : إلى التوابين أقرب.
(٨) حلية الأولياء ٤ / ٢٥١.
(٩) في الحلية : عمر بن موسى القرشي.