قالا أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا عبيد الله بن عبد الرّحمن السكري ، نا زكريا بن يحيى المنقري ، نا [الأصمعي ، نا أبو نوفل الهذلي ، عن أبيه قال : (١) ولد عتبة بن مسعود : عبد الله ، وكان] واليا لعمر بن الخطّاب ، فولد عبد الله : عبيد الله ، وعونا ، وعبد الرّحمن ، فأمّا عبيد الله فكان من فقهاء أهل المدينة وخيارهم ، وكان أعمى ، فمرّ عليه عبد الله بن عمرو بن عثمان ، وعمر بن عبد العزيز ولم يسلّما عليه ، فأخبر بذلك ، فأنشأ يقول (٢) :
لا تعجبا أن تؤتيا فتلكما |
|
فما خشي الأقوام (٣) شرّا من الكبر |
|
||
مسّا تراب الأرض منه خلقتما |
|
وفيها المعاد والمصير إلى الحشر |
وأما عون بن عبد الله فكان من آدب أهل المدينة ، وأفقههم وكان مرجئا ، ثم رجع عن ذلك ، فأنشأ يقول (٤) :
لأوّل ما تفارق غير شك |
|
ففارق (٥) ما يقول المرجئونا |
وقالوا : مؤمن من أهل جور |
|
وليس المؤمنون بجائرينا |
وقالوا : مؤمن دمه حلال |
|
وقد حرمت دماء المؤمنينا |
ثم خرج مع ابن الأشعث ، فهرب حيث هربوا فأتى محمّد بن مروان بنصيبين (٦) ، فآمنه وألزمه ابنه ، فقال له محمّد : كيف رأيت ابن أخيك؟ قال : ألزمتني (٧) رجلا إن قعدت عنه عتب ، وإن أتيته حجب ، وإن عاتبته (٨) صخب ، وإن صاحبته غضب ، فتركه ولزم عمر بن عبد العزيز وهو خليفة ، وكانت له منه منزلة ، وخرج جرير فأقام بباب عمر بن عبد العزيز فطال مقامه ، فكتب إلى عون بن عبد الله (٩) :
__________________
وقد أقحم بالأصل وم بعد : منصور : «الأصمعي ، نا أبو نوفل الهذلي ، عن أبيه قال : ولد عتبة بن مسعود وكان» وقد أخرنا العبارة إلى موضعها ، وقد وضعناها بين معكوفتين.
(١) الخبر من هذا الطريق في تهذيب الكمال ١٤ / ٤٥٧.
(٢) البيتان في الأغاني ٩ / ١٤٥.
(٣) الأصل : الأقرام ، والمثبت عن م والمختصر ، وفي الأغاني : الانسان.
(٤) الأبيات في تهذيب الكمال ١٤ / ٤٥٨ والأغاني ٩ / ١٣٩ ضمن ترجمة عبيد الله بن عبد الله بن عتبة.
(٥) الأغاني : لأول ما أفارق غير شك أفارق.
(٦) نصيبين من مدن الجزيرة ، بينها وبين سنجار تسعة فراسخ (راجع معجم البلدان).
(٧) تقرأ بالأصل وم : «ألزمني» والمثبت عن تهذيب الكمال والمختصر.
(٨) الأصل وم : «عاينته» والمثبت عن تهذيب الكمال والأغاني.
(٩) البيتان في ديوان جرير ص ٤٤٦ (ط بيروت) ، والأغاني ٩ / ١٤٠ وتهذيب الكمال ١٤ / ٤٥٨.