مرض أبو الدّرداء مرضه الذي مات فيه فكثر عليه العوّاد في منزله فأخرجوه إلى كنيسة النصارى ، فجعل الناس يعودونه أرسالا ، فجاء أبو إدريس إلى أبي الدّرداء وهو يجود بنفسه ، فتخطّى الناس حتى جلس عند رأسه ، فقال أبو إدريس : الله أكبر ، الله أكبر ، فجعل يكبّر ، فرفع أبو الدّرداء رأسه فقال : إنّ الله إذا قضى قضاء أحب أن نرضى به ، ثم قال : ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه ، ثم قضى.
كذا قال ، وهذه الحكاية محفوظة عن أبي مسلم الخولاني.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو محمّد الصّريفيني ، أنا أبو بكر محمّد بن عمر بن علي بن زنبور ، أنا أبو بكر بن أبي داود ، نا عمرو بن عثمان ، نا الوليد ، نا سعيد بن عبد العزيز ، عن إسماعيل بن عبيد الله (١).
أنّ أبا مسلم الخولاني دخل على أبي الدّرداء وهو يجود بنفسه ، وكان عندهم في العز كأنفسهم ، فجعل أبو مسلم يكبّر فقال ل الدّرداء : أجل هكذا فقولوا ، فإن الله إذا قضى قضاء أحب أن نرضى به.
أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أخبرنا محمّد بن هبة الله (٢) ، أنا علي بن محمّد بن بشران ، أنا الحسين بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني محمّد بن الحسين ، نا أحمد بن إسحاق الحضرمي ، نا صالح المرّي ، عن جعفر بن زيد العبدي.
أن أبا الدّرداء لما نزل به الموت بكى فقالت له أم الدّرداء : وأنت تبكي يا صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قال : نعم ، وما لي لا أبكي ، ولا أدري على ما هجم من ذنوبي.
قال : وحدّثني محمّد ، نا يحيى بن بسطام (٣) ، نا جعفر بن سليمان قال : سمعت سميط بن عجلان قال :
لما نزل بأبي الدّرداء الموت جزع جزعا شديدا ، فقالت له أم الدّرداء : ألم تك (٤) تخبرنا بأنك تحب الموت؟ قال : بلى وعزة ربّي ، ولكن نفسي لما استيقنت بالموت كرهته ، قال : ثم بكى وقال : هذه آخر ساعتي من الدنيا ، لقّنوني لا إله إلّا الله ، فلم يزل يرددها حتى مات.
قال : وحدّثني محمّد ، نا داود بن المحبّر ، نا محمّد بن ثابت العبدي ، عن أبي عمران الجوني.
__________________
(١) الأصل وم و «ز» : عبد الله.
(٢) الأصل وم : عبد الله ، والمثبت عن «ز».
(٣) الأصل وم : بطام ، والمثبت عن «ز».
(٤) الأصل : تكن ، والمثبت عن م و «ز».