أنه سمع أبا الدّرداء وهو في آخر صلاته وقد فرغ من التشهّد يتعوّذ بالله من النفاق ، فأكثر التعوّذ منه ، قال : فقال له جبير : ما لك يا أبا الدّرداء أنت والنفاق؟ قال : دعنا عنك ، دعنا عنك ، فو الله إنّ الرجل ليقلب عن دينه في الساعة الواحدة فيخلع منه.
قال : وأنا جعفر بن محمّد الفريابي ، حدّثني أبو مسعود أحمد بن الفرات ، نا أبو اليمان ، أنا صفوان بن عمرو ، عن سليم بن عامر ، عن جبير بن نفير قال :
دخلت على أبي الدّرداء منزله بحمص ، فإذا هو قائم يصلّي في مسجده ، فلما جلس يتشهّد جعل يتعوّذ بالله من النفاق ، فلما انصرف قلت له : غفر الله لك يا أبا الدّرداء ، أما أنت والنفاق ما شأنك وشأن النفاق؟ فقال : اللهم غفرا ـ ثلاثا ـ لا يأمن البلاء من يأمن البلاء ، والله إنّ الرجل ليفتن (١) عن ساعة واحدة فيقلب عن دينه.
قال : وأنا جعفر الفريابي ، نا عبد الرّحمن بن إبراهيم الدّمشقي ، نا الوليد بن مسلم ، نا سعيد بن عبد العزيز ، عن أبي عبد رب ، عن أم الدّرداء ، عن أبي الدّرداء قال :
بلغني أنّ الرجل يأتيه الموت وهو على حال حسنة ، فأقول هنيئا له ، قلت : ولم؟ قال : يا حمقاء أما تعلمين أنّ الرجل يصبح مؤمنا ثم يسلب إيمانه ولا يشعر؟ لأنا لهذا بالموت أغبط (٢) مني لهذا بالبقاء في الصوم والصلاة.
رواه يزيد بن يحيى بن عبيد ، عن سعيد فقال فيه : هنيئا له ليتني بذلك.
أخبرنا أبو محمّد الحسن بن أبي بكر ، أنا الفضيل بن يحيى ، أنا عبد الرّحمن بن أحمد السريحي ، أنا محمّد بن عقيل البلخي ، نا عيسى بن أحمد ، نا بشر ـ هو [ابن](٣) بكر ـ نا سعيد ، عن أبي عبد رب ، عن أم الدّرداء قالت :
كان أبو الدّرداء إذا مات الرجل على الحال الصالحة قلت : هنيئا له ، يا ليتني بدله ، قال : وما تعلمين يا حمقاء أن الرجل يصبح مؤمنا ويمسي فاسقا؟ قلت : وكيف ذلك؟ قال : يسلّ إيمانه ولا يشعر ، لأنّا لهذا بالموت أغبط مني بالبقاء في الصلاة والصيام.
أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو
__________________
(١) في م : ليفتتن.
(٢) كذا بالأصل والمختصر ، وفي م : أغيظ.
(٣) زيادة لازمة منا للإيضاح ، وهو بشر بن بكر التنيسي ، أبو عبد الله البجلي ، ترجمته في تهذيب الكمال ٣ / ٥٩ وسير الأعلام ٩ / ٥٠٧.