استعمل أبو الدّرداء على القضاء فأصبح يهنئونه فقال : أتهنّئوني بالقضاء وقد جعلت على رأس مهواة منزلتها أبعد من عدن أبيّن ولو علم الناس ما في القضاء لأخذوه بالدّول رغبة عنه وكراهية له ، ولو يعلم الناس ما في الأذان لأخذون بالدّول رغبة فيه وحرصا عليه.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، قال : وأنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو محمّد بن حامد المقرئ ، قالا : أنا أبو العباس ـ هو الأصم ـ نا الخضر بن أبان ، نا سيّار ، نا جعفر قال : سمعت مالك بن دينار يقول :
كنت اليوم عند ثابت البناني ، فقرأ علينا رسالة سلمان إلى أبي الدّرداء وكان فيها هذا الكلام :
وإنه بلغني أنك جعلت طبيبا فإن كنت تبرئ فنعم مالك ، وبلغني أنك اتّخذت خادما ، وإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنّ العبد لا يزال من الله والله منه ما لم يخدم ، فإذا خدم وجب عليه الحساب» (١) [١٠١٧٦].
قال البيهقي : كذا قال سلمان إلى أبي الدّرداء.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن محمّد بن المسلّم الهاشمي ، أنا أبو القاسم علي بن محمّد بن يحيى السّميساطي ، أنا عبد الوهّاب بن الحسن بن الوليد الكلابي ، أنا أحمد بن عمير بن يوسف ، نا يونس بن عبد الأعلى ، أنا عبد الله بن وهب أن (٢) مالك بن أنس أخبره.
ح قال : وحدّثنا عيسى ، أنا عبد الرّحمن بن القاسم ، حدّثني مالك ، عن يحيى بن سعيد.
أن أبا الدّرداء كتب إلى سلمان الفارسي :
أن هلمّ إلى الأرض المقدسة.
فكتب إليه سلمان : إنّ الأرض لا تقدّس أحدا وإنّما يقدّس الإنسان علمه (٣) ، وقد بلغني أنك جعلت طبيبا تداوي ، فإن كنت تبرئ فنعم مالك ، وإن كنت متطبّبا فاحذر أن تقتل إنسانا فتدخل النار.
__________________
(١) راجع حلية الأولياء لأبي نعيم ١ / ٢١٤ ـ ٢١٥ وفيها رسالة طويلة باختلاف.
(٢) بالأصل : «بن» تصحيف ، والمثبت عن م.
(٣) كذا بالأصل ، وفي م والمختصر : عمله.