معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن جبير بن نفير قال (١) :
كان أبو الدّرداء يعبد صنما في الجاهلية ، وأن عبد الله بن رواحة ومحمّد بن مسلمة وصلا بيته فكسرا صنمه ، فرجع أبو الدّرداء فجعل يجمع صنمه ذلك ويقول : ويحك هلّا امتنعت ألا دفعت عن نفسك ، فقالت أم الدّرداء : لو كان ينفع أحدا ، أو يدفع عن أحد دفع عن نفسه ونفعها.
فقال أبو الدّرداء : أعدّي لي في المغتسل ماء ، فجعلت له ماء ، فاغتسل ، وأخذ حلّته فلبسها ، ثم ذهب إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فنظر إليه ابن رواحة مقبلا ، فقال : يا رسول الله هذا أبو الدّرداء ، وما أراه جاء إلّا في طلبنا ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنّما جاء ليسلم ، فإنّ ربّي أوعدني (٢) بأبي الدّرداء أن يسلم» [١٠١٥٧].
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي إسحاق البرمكي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد قال (٣) :
قالوا : وكان أبو الدّرداء أهل آخر داره إسلاما ، متعلقا بصنم له قد وضع عليه منديلا ، فكان عبد الله بن رواحة يدعوه إلى الإسلام فيأبى ممسكا بذلك الصنم ، فتحيّنه عبد الله بن رواحة وكان له أخا في الجاهلية والإسلام ، فلما رآه قد خرج من بيته خالف فدخل بيته ، وأعجل امرأته وأنها لتمشط رأسها ، فقال : أين أبو الدّرداء؟ قالت : خرج أخوك آنفا ، فدخل إلى بيته الذي كان فيه ذلك الصنم ومعه القدّوم قال : فانتزله وجعل يقلده قلدا قلدا وهو يرتجز ويقول :
تبرّأت من أسماء الشياطين كلها |
|
ألا كلما يدعى مع الله باطل |
قال : ثم خرج وسمعت المرأة ضرب القدوم وهو يضرب ذلك الصنم ، فقالت : أهلكتني يا ابن رواحة ، قال : فخرج على ذلك ، فلم يكن شيء حتى أقبل أبو الدّرداء إلى منزله ، فدخل فوجد المرأة قاعدة تبكي شفقا منه ، فقال : ما شأنك؟ فقالت : أخوك عبد الله بن رواحة دخل إليّ فصنع ما ترى ، فغضب غضبا شديدا ثم فكّر في نفسه فقال : لو كان عنده خير لدفع عن نفسه ، فانطلق حتى أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعه ابن رواحة ، فأسلم.
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٢ / ٣٤٠ من طريق أبي الزاهرية.
(٢) كذا الأصل وم ، وفي سير الأعلام : وعدني.
(٣) سير أعلام النبلاء ٢ / ٣٤١ وتهذيب الكمال ١٤ / ٤٦٦.