قصور سامرّاء قصري البديع والمختارة ونقل زخارفهما وحجارتهما إليه ، وقد أنفق عليه من الدنانير ألفي ألف دينار وخمسين ألف ألف درهم حتّى جعله من أفخر القصور بناء وأشمخها علوّا وأبهرها منظرا وأعجبها صنعة وأطيبها أنسا وأجملها زينة ، فهو بين قصور سامرّاء وبروجها وحصونها كالشمس المشرقة أو كالبلد المنير بل كان على حدّ قول الشاعر :
شمس ولا كالشمس عند زوالها |
|
بدر ولا كالبدر في نقصانه |
أمّا جدران هذا البرج الشامخ فحجارة من حجر الكلداني أيضا وكلّها موشاة بالصدف الملوّن وبالمرايا والقطع الفضّيّة المطلية بماء الذهب فكانت صفحة الجدار كموشى الحلل في زينتها أو مونق عصب اليمن في رونقها ، وفيه من الغرف ما لا يعدّ ولا يحصى ، مفروشات وغير مفروشات ، وتبلغ ساحته ألفا ومأة متر طولا وعرضها مأتين وخمسين مترا وجميعها مفروشة بالطابوق ، وهو واقع في الجانب الشرقي من دجلة ويبعد من ساحته زهاء ألف متر ، وتوجد بقرب بابه الشرقي بركة ماء مطلية صفحائها بالرصاص ، ومن هذه البركة كان يتوزّع الماء إلى حمّام وأماكن القصر بواسطة أنابيب من الرخام الأبيض.
قال : وقد نقل لي أحد أفاضل سامرّاء أنّ الدكتور هرتسفيلد الألماني قد حمل معه ما يربو على مأتي صندوق من الآثار الجليلة التي وجدها في الجعفريّة وغيرها حين تنقيبه فيها ومن جملته فصوص ذات ألوان قد كسيت باللجين المكلّل ، ووصف لي هذه الفصوص فقال : بينما ترى تموجاتها حمراء وردية تراها خضراء زبرجديّة وأحيانا صفراء عسجديّة.