فانحدر إلى بغداد في المحرّم سنة ٢٥١ فأقام بها يحارب أصحاب المعتزّ سنة كاملة بسرّ من رأى معه الأتراك وسائر الموالي ، ثمّ خلع المستعين وولي المعتزّ فأقام بها حتّى قتل ثلاث سنين وستّة أشهر بعد خلع المستعين ، وبويع محمّد المهدي بن الواثق في رجب سنة ٢٤٥ فأقام حولا كاملا ينزل الجوسق حتّى قتل وولي أحمد المعتمد بن المتوكّل فأقام بسرّ من رأى في الجوسق وقصور الخلافة ثمّ انتقل إلى الجانب الغربي بسرّ من رأى فبنى قصرا موصوفا بالحسن سمّاه «المعشوق» فنزله فأقام به حتّى اضطربت الأمور فانتقل إلى بغداد ، ثمّ إلى المدائن ، ولسرّ من رأى منذ بنيت وسكنت إلى الوقت الذي كتبنا فيه كتابنا هذا خمس وخمسون سنة ملك بها ثمانية خلفاء.
وإلى ذلك أشار العلّامة الخبير الشيخ محمّد السماوي في وشايح السرّاء في شأن سامرّاء (١) :
قد عمّر في المائتين بعدها |
|
إحدى وعشرون فحافظ عدّها |
وهدّمت في التسع والسبعينا |
|
فكان عمرها زها ستّينا |
وجوّها طلق وتربها نقي |
|
والماء جار بالهوا المصفق |
حلّ بها معتصم وواثق |
|
ومتوكّل عليها وامق |
ونجله المنتصر المبتزّ |
|
ومستعين القوم والمعتزّ |
والمهتدي من بعد ثمّ المعتمد |
|
وتاسع القوم الأخير المعتضد |
وهو الذي أقام في بغداد |
|
من ضغط الأتراك والأجناد |
فظعن المقيم فيها وترك |
|
تلك القصور والرياض والبرك |
وخرّبت تلك المباني أجمع |
|
وعادت الديار وهي بلقع |
__________________
(١) وشايح السرّاء في شأن سامرّاء : ٤.