تكون من التراب الذي نقله الجنود الخيّالة بعليق خيولهم ويروون أنّ الخليفة المتوكّل أراد أن يظهر كثرة جنوده بدليل عيانيّ محسوس ، فأمر بأن يملأ كلّ واحد من جنوده الخيّالة عليقه بالتراب ثمّ يرميه هناك والتلّ قد تكون من التراب الذي تجمع هذا الوجه. ومن المؤكّد أنّ التلّ اصطناعيّ وقد تكون على طريقة حفر خندق عريض مستدير ، وتكويم التراب الذي يرفع منه فوق الدائرة الباقية داخله.
ولقد درس هرتسفيلد الألماني هذا التل خلال تنقيباته في سامرّاء قبل الحرب العالميّة وعلم أنّه كان على قمّته قصر صغير مربّع الشكل مقسّم إلى تسع غرف متلاصقة واحدة في الوسط وأربعة متصلة بأضلاع هذه الغرفة على شكل اواوين مفتوحة ، والأربعة الأخرى بين أضلاع الأواوين المذكورة.
قال : ولا شكّ في أنّ القصد من تكوين هذا التلّ في وسط السهل ، وتشييد هذا القصر الصغير فوق التل كان للتفرّج على السهل من محلّ مرتفع يمتدّ فيه النظر وتكثر فيه الرياح. ويظهر أنّ الحير الذي يقول فيه اليعقوبي في البلدان (١) «وخلف الحائط الوحش من الظباء والحمير والأيايل والأرانب والنعام» كان يقع حول هذا التل كما أنّ إحدى حلبات السباق كانت تبدأ من جهته الجنوبيّة.
ولكن الراوندي وغيره من المحدّثين يذكرون وجها آخر لتسميته بتلّ العليق. قال الراوندي في الخرايج (٢) في عداد معجزات أبي الحسن الهادي عليهالسلام ما هذا لفظه : ومنها حديث تلّ المخالي ، وذلك أنّ المتوكّل أمر العسكر وهم تسعون ألف فارس من الأتراك الساكنين بسرّ من رأى أن يملأ كلّ واحد منهم مخلاة فرسه من الطين
__________________
(١) البلدان : ٢٦٣ طبع ليدن.
(٢) الخرايج والجرايح : ٢١٢ طبع ايران.