بدنه فضل قوّة ، وإن أقام ببغداد سنة تبيّن في عقله زيادة ، وإن أقام بالأهواز سنة تبيّن في بدنه وعقله نقص ، وما نعلم لذلك سببا إلّا صحّة هواء الموصل وعذوبة مائها ، ورداءة نسيم الأهواز وتكدّر جوّه ، وطيبة هواء بغداد ورقّته ، وبين الموصل وبين بغداد أربعة وسبعون فرسخا.
الزاب الأعلى
بعد الألف باء موحّدة ، زاب الشيء إذا جرى ، وإنّ زاب اسم ملك من قدماء ملوك الفرس وهو زاب بن توكان بن منوجهر بن ايرج بن أفريدون ، حفر عدّة أنهر بالعراق فسمّيت باسمه ، وربّما قيل لكلّ واحد زابي ، والتثنية زابيان ، وهذا هو الزاب الأعلى بين الموصل وأربل ، ومخرجه من بلاد مشتكهر وهو حدّ ما بين أذربيجان وبابغيش ، ثمّ يمتدّ حتّى يفيض في دجلة على فرسخ من الحديثة وهذا هو المسمّى بالزاب المجنون لشدّة جريه.
الزاب الأسفل
مخرجه من جبال السلق بين شهرزور وأذربيجان ، ثمّ يمرّ إلى ما بين دقوقا وأربل ، وبين الزاب الأعلى وبينه مسيرة يومين أو ثلاثة ، ثمّ يمتدّ حتّى يفيض في دجلة عند السن ، وعلى هذا الزاب مقتل عبيد الله بن زياد بن أبيه. فقال يزيد بن مفرغ يهجوه :
أقول لمّا أتاني ثمّ مصرعه |
|
لابن الخبيثة وابن الكودن النابي |
ما شقّ جيب ولا ناحتك نائحة |
|
ولا بكتك جياد عند اسلام |
إنّ الذي عاش ختّارا بذمّته |
|
ومات عبدا قتيل الله بالزاب |
وإنّ المنايا إذا حاولن طاغية |
|
ولجن من دون أستار وأنياب |