إليه كسرى أن أقدم عليّ فقدم إليه النريمان ، فقال له كسرى : احتكم ، فقال له النريمان : تصنع لي سريرا مثل سريرك ، وتعقد على رأسي تاجا مثل تاجك وتنادمني من غدوة إلى الليل ، ففعل ذلك به ، ثمّ قال : أوفيت؟ قال : نعم. فقال له كسرى : لا والله ، لا ترى هرات أبدا فتجلس بين قومك وتحدّث بما جرى ، وأنزله موضع القادسيّة ليكون ردّا له من العرب ، فسمّي الموضع القادسيّة بقادس هرات. قال في مراصد الاطّلاع : قادسيّة إنّما في الجانب الشرقي من دجلة من سامرّاء وليست من نواحي دجيل.
فتح القادسيّة
قال أهل السير : أوّل من غزا أرض العراق من المسلمين المثنّى ابن حارثة الشيباني ، والآخر سويد بن قطبة العجلي ، فأقبلا حتّى نزلا فيمن نزل ، اجتمعوا بتخوم الأرض من أراضي العجم فكانا يغيران على الدهاقين فيأخذان ما قدرا عليه ، وكان المثنّى يغير من ناحية الحيرة ، وسويد من ناحية الأبلة ، وذلك في خلافة أبي بكر إلى أن أرسل أبو بكر خالد بن الوليد في سنة اثنتي عشرة من الهجرة ، فسار خالد حتّى نزل ببانقيا وصالح أهلها ثمّ أقبل حتّى دنا من الحيرة فصالحهم على تسعين ومائة ألف درهم ، وهذا الصلح لم يدم طويلا لأنّ الحكومة المركزيّة الفارسيّة علمت بالأمر وجيّشت الجيوش لمحاربة الفاتحين ، فانسحب خالد بن الوليد.
ولمّا ولي عمر بن الخطّاب لم يكن له همّ إلّا العراق ، فقعد لأبي عبيدة بن مسعود على جيش وأمره بالمسير إلى العراق ، فساروا حتّى نزلوا الثعلبيّة وزحف عليهم العجم فرشقوهم بالنشّاب حتّى كثرت في المسلمين الجراحات وقتل في هذه الوقعة أبو عبيدة ، وكانت هذه الوقعة في رمضان سنة ١٣ ، ثمّ أرسل عمر جيشا وولّى عليهم جرير بن عبد الله البجلي فسار حتّى وافى الثعلبيّة ثمّ سار حتّى نزل دير هند