جوارحك عليك يوم تزلّ فيه الأقدام ، وتبلغ القلوب الحناجر ، وتبيضّ وجوه وتسودّ وجوه ، وتبدوا السرائر ، ويوضع الميزان القسط.
يابن آدم ، أذكر أخبار الماضين ومن كان قبلك من آبائك الأوّلين فسر في ديارهم وآثارهم فانظر فيما فعلوا وعمّا انتقلوا وأين حلّوا ونزلوا ، فإنّك تجدهم قد انتقلوا عن الأحبّة وحلّوا ديار الغربة وكأنّك عن قليل قد صرت كأحدهم ؛ فاصلح مثواك ولا تبع آخرتك بدنياك.
تزوّد من الدنيا فإنّك راحل |
|
وبادر فإنّ الموت لا شكّ نازل |
وإن امره قد عاش ستّين حجّة |
|
إلى منهل من ورده لقريب |
إذا كانت الستّون عمرك لم يكن |
|
لدائك إلّا أن تموت طبيب |
وقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : يهرم ابن آدم ويبقى معه اثنان : الحرص وطول الأمل.
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبة : اتقوا الله فكم من مؤمن آمالا لا يبلغه ، وجامع مالا لا يأكله ، ولعلّه من باطل جمعه ، ومن حقّ منعه ، أصابه حراما ، وورثه عدوّا ، فاحتمل إصره وباء بوزره ، وورد على ربّه خاسرا آسفا لاهفا ، قد خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين.
وأنشد بعضهم :
ويمسي المرء ذا أجل قريب |
|
وفي الدنيا له أمل طويل |
ويعجل للرحيل وليس يدري |
|
إلى ماذا يقرّبه الرحيل |
وقال آخر :
يا أيّها المطلق آماله |
|
من دون آمالك آجال |
كم أبلت الدنيا وكم جدّدت |
|
فينا وكم تبلى وتغتال |
وكتب بعضهم إلى ملك يعظه : أيّها الملك ، اعدل برعيّتك وارحم من كان تحت يدك ، ولا تتجبّر عليهم ، ولا تعلو قدرك ، ولا تنس قبرك الذي هو منتهى أمرك ؛