العجائب ، فقال : يا ربّ إنّك عظيم ، لو شئت أن تطاع لأطعت ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت ، وأنت تحبّ أن تطاع ، وفي ذلك تعصى ، قال : يا عيسى إنّي كذلك لا يسألني العباد عما أفعل وهم يسألون ، قال : فعاوده ، فزجره فازدجر ، فجمع عيسى بعد ذلك الحواريين ، فقال : يا معشر الحواريين إن القدر سريرة الله فلا تسألوا عن سريرة الله.
قال : فلما بعث الله عزيرا بعد ما أماته قال : يا ربّ إنك عظيم ، لو شئت أن تطاع لأطعت ولو شئت أن لا تعصى لما عصيت ، وأنت تحبّ أن تطاع ، وفي ذلك تعصى ، قال : يا عزير إنّي كذلك لا تسألني العباد عما أفعل وهم يسألون ، فعاوده فزجره ، فلم يزدجر ، فقال الله تعالى : يا عزير تريد أن تسألني عن أصل علمي؟ فوعزتي ، لأمحونّ اسمك من النبوة ، قال : فعاقبه الله فمحا اسمه من النبوة ، فلم يذكر مع الأنبياء ، قال : ثم لم يكفّ فقال : يا ربّ اشتبه عليّ أمري ، فبعث الله إليه ملكا ، فقال : يا عزير إنّ الله يقول : وما الذي اشتبه عليك؟ قال : يا ربّ تسليطك على بني إسرائيل ـ وهم أبناء أنبيائك وأصفيائك ـ عبدة النيران ، فقتلوا وسبوا وحرقوا (١) بيت المقدس ، بيتك الذي اخترته لنفسك ، وحرقوا كتابك الذي جاء به موسى ، فكيف هذا يا رب؟ فقال له الملك : يا عزير إنّ الله جل ثناؤه يقول : اسكت وما أنت وذاك؟ فقال للملك (٢) : اشفع لي إلى الله ، فقال الملك : يا عزير أنت فتعبّد ، وسل ربك يوما ، ثم سأل ربّه فأوحى الله إليه : يا عزير إن بني إسرائيل قتلوا أنبيائي وانتهكوا محارمي ، فسلّطت عليهم من لا يرجو ثوابي ولا يخاف عقابي ، يكون أبلغ لي منهم في العقوبة ، فمن ثمّ سلّطت عليهم بخت نصر وعبدة النيران.
قال : يا ربّ إنك حكم عدل ، وأنت لا تجور ، فكيف عذّبت العامة بذنب الخاصة ، والأصاغر بذنب الأكابر ، فكيف هذا يا رب؟.
فقال الله تعالى : يا عزير اخرج إلى فلاة من الأرض يأتيك أمري.
قال : فخرج (٣) فأتاه ملك فقال : يا عزير إنّ ربك يقول : أتستطيع أن ترد يوم أمس؟ قال : لا ، قال : فتستطيع أن تصرّ صرة من الشمس. قال : لا ، قال : فتستطيع أن تكيل مكيالا من نور ، قال : لا ، فتستطيع أن تزن مثقالا من الريح؟ قال : لا ، قال : فتستطيع أن تجيء بحصاة من البحر السابع من قعره؟ قال : فكذلك لا تستطيع أن تعلم أصل علمي ، ثم سلّط الله عليه
__________________
(١) يشير إلى بختنصر وقومه ـ وهم عبدة النيران ـ وهم الذين خربوا بيت المقدس وحرقوا التوراة.
(٢) بالأصل : الملك ، والتصويب عن م.
(٣) الأصل : «قاسرح» بدل : «قال : فخرج» وفي م : «قال : خرج» وفوق خرج فيها : ضبة ، والمثبت عن المختصر.