الخطاب ، نا أحمد بن عمرو ، نا زكريا ، نا الأصمعي ، قال : قال أعرابي :
إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ، ودوام عهده وكرم أخلاقه فانظر إلى حنينه إلى أوطانه ، وشوقه إلى إخوانه ، وبكائه على ما مضى من زمانه.
أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن الحسين بن أحمد الصفار ـ ببسطام ـ أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي ـ بنيسابور ـ أنا أبو الحسن علي بن محمّد الإسفرايني بها ، أنا الحسن بن محمّد بن إسحاق قال : حدث أبو عبد الله نفطويه ، قال : سمعت محمّد بن المنذر البصري قال : سمعت الرياشي يقول : سمعت الأصمعي يقول :
دخلت مسجد البصرة فإذا أنا بسائل أو كسائل مادا يمينه يقول : أيها الناس الفقر حاضر يحث علي سؤالكم ، والحياء زاجر عن كلامكم ، فرحم الله امرأ أمر بنبيل أو دعا بخير ، فإن الدعاء إحدى الصدقتين ، فقلت : من الرجل يرحمك الله؟ فقال : اللهم غفرا سوء الاكتساب يمنع عزّ شرف الانتساب ، قال : قلت في ذلك شيئا قال : نعم :
كم من لئيم إلّا بأشرفه |
|
المال أبوه وأمه الورق |
وكم كريم (١) إلّا ما ليس له |
|
ذنب سوى أن ثوبه خلق |
أدبه سادة الكرام |
|
فما يأتيه إلا العفاف والخلق |
قال : وكان معي أربعمائة درهم ، فدفعتها إليه ، وحلّفته أن لا يقوم بالبصرة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه ، وأبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي ، قالا : نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٢) ، أنا أبو سعيد محمّد بن موسى الصيرفي ـ بنيسابور ـ نا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن أحمد الصفار الأصبهاني ، نا أبو عبد الله محمّد بن أحمد النيسابوري ـ ببغداد ـ نا محمّد بن حبيب ، قال : سمعت علي بن هشام (٣) يقول : سمعت الأصمعي يقول : مررت بالبادية على رأس بئر ، وإذا على رأسه جوار وإذا واحدة فيهن كأنها البدر ، فوقع عليّ الرعدة وقلت لها :
يا أحسن الناس إنسانا وأملحهم |
|
هل باشتكائي إليك الحب من باس |
__________________
(١) عن م وبالأصل : كريب.
(٢) الخبر في تاريخ بغداد ١ / ٣٢٧ ضمن أخبار أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عمرويه الصفار النيسابوري.
(٣) تقرأ في الأصل : غتام ، وفي م : عتام ، والمثبت عن تاريخ بغداد.