فقلت لعرسي في الخلاء وصبيتي |
|
أحقّ ترى هذا أم أحلام نائم |
قال عبيد الله : قد أصبت ، فأنا من ولد العباس ، وأنا من آل المرار (١) ، فبلغت معاوية ، فقال : لله درّ عبيد الله من أيّ بيضة خرج ، وفي أي عش درج ، عبيد الله معلم الجود ، وهو والله كما قال الحطيئة (٢) :
أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنى |
|
وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدّوا |
وإن كانت النّعمى عليهم جزوا بها |
|
وإن أنعموا لا كدّروها ولا كدّوا |
قال القاضي في هذا الخبر : وجعل يقطع من أطايبها ، والصواب من مطايبها ، هكذا يقال في اللحم ، والعرب تقول : مطايب الجزور ، وأطائب الفاكهة ، والمطايب من الجمع الذي لا واحد له على منهاج لفظه ، وقياسه مثل ملامح ومشابه وهذا كثير (٣).
وقد حكى الفراء أنه سأل بعض العرب عن الواحد في مطايب الجزور؟ فحكى عنه ما معناه أنه لم يكن عنده فيه شيء يحفظه ، وأنه أخذ يتكلف فيه قولا يستخرجه وجعل يقول : مطيبة وأنه يضحك من هذا من قوله مطيبة.
وقول الحطيئة : أحسنوا البنى ، هكذا رأيته بضم الباء.
وقد حدّثنا محمّد بن يحيى ، نا القاسم بن إسماعيل ، أنا عبيد الله بن محمّد القرشي ، نا الأصمعي قال : أتيت شعبة يوما وعنده حمّاد بن سلمة ، وهما يتكلمان في حديث ، فقال له شعبة : يا أبا سلمة هذا الفتى الذي ذكرته لك ، فقال لي حمّاد بن سلمة : كيف تنشد قول الحطيئة : أولئك قوم ، فابتدأت القصيدة من أولها (٤) :
ألا طرقتنا بعد ما هجعت (٥) هند |
|
وقد سرن خمسا واتلأبّ بنا نجد |
إلى أن بلغت البيت :
أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنى |
|
وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدّوا |
فقال لي حمّاد بن سلمة : يا بنيّ إنّ العرب تقول بنى يبني بناء في العمران ، وتقول في الشرف : بنا يبنو بنى فأنشد هذا البيت :
__________________
(١) يريد : آل آكل المرار ، وهم ملوك اليمن.
(٢) البيتان في ديوان الحطيئة ط بيروت ص ٤١.
(٣) الأصل : «ومذاكير».
(٤) ديوان الحطيئة ط بيروت ص ٣٩.
(٥) الديوان : هجدوا.