قال عبد الله (١) بن يزيد بن معاوية لعبد الملك بن مروان : يا أبا عبد الرّحمن هل أنت على حالة ترضاها للموت؟ قال : لا ، قال : فهل أجمعت للتحويل عنها إلى حالة ترضاها بعد؟ قال : لا ، ما أجمعت لذلك ، قال : فهل بعد الموت دار فيها مستغيث؟ قال : لا ، قال : احذر يا أخي الموت إنّما يأتيك على غرّة ، فإنّي ما رأيت مثل هذه الخصال يرضى بها عاقل.
كذا قال : وقد كان لعبد الرّحمن أخ اسمه عبد الله بن يزيد ، ويعرف بالأسوار ، لكن الحكاية بعبد الرّحمن أشبه لأنه هو الزاهد ، فأمّا عبد الله فقد كان فيه بعض النزع (٢) ، وقوله في تكنية عبد الملك أبا عبد الرّحمن خطأ ، وإنّما كنيته أبو الوليد (٣) ، والله أعلم.
قرأنا على أبي الفضل عبد الواحد (٤) بن إبراهيم بن قرّة ، عن عاصم بن الحسن.
ح وأنبأنا أبو القاسم سعيد بن أبي غالب بن البنّا ، أنا عاصم بن الحسن ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا الحسين بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، قال : قال الحسن بن عثمان :
سمعت أبا العباس الوليد يقول عن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر قال : كان عبد الرّحمن بن يزيد بن معاوية خلا لعبد الملك بن مروان ، فلما مات عبد الملك وتصدّع الناس عن قبره وقف عليه ، فقال له : أنت عبد الملك بن مروان الذي كنت تعدني فأرجوك ، وتوعدني فأخافك ، أصبحت وليس معك من ملكك غير ثوبيك ، وليس لك منه غير أربعة أذرع في عرض ذراعين.
ثم انكفأ إلى أهله ، فاجتهد في العبادة حتى صار كأنه شنّ بالي (٥) ، فدخل عليه بعض أهله فعاتبه في نفسه وإضراره بها ، فقال لقائله : أسألك عن شيء تصدقني عنه ما بلغك علمك؟ قال : نعم ، قال : أخبرني عن حالك التي أنت عليها أترضاها للموت؟ قال : اللهم لا ، فاعتزمت على انتقالك منها إلى غيرها؟ قال : ما أشخصت رأيي في ذلك ، قال : أفتأمن أن يأتيك الموت على حالك التي أنت عليها؟ قال : اللهم لا ، قال : فبعد الدار التي فيها أنت
__________________
(١) كذا بالأصل وم هنا. انظر تعقيب المصنف في آخر الخبر ، حيث يشكك في كونه عبد الله ، ويرجح : عبد الرّحمن.
(٢) عن م وبالأصل : الشرع.
(٣) راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء ٤ / ٢٤٦.
(٤) بالأصل : عبد الرحمن ، تصحيف ، والمثبت : عبد الواحد ، عن م ، قارن مع المشيخة ١٣٠ / أ.
(٥) كذا بالأصل : وم ، بإثبات الياء.
والشنّ : وعاء من أدم يوضع فيه الماء ليبرد ، وكانت بالأصل : «سن» وأثبتناه ما ورد في م.