وهذه البقعة لا وجود للترع فيها ولذلك ليس لديهم إلا البرسيم والتمر ، وعندهم من نبات الذرة ما هو أحمر اللون وهم قوم صيادون يمضون إلى جبال الحبشة ، ليصطادوا الفيلة ، وليجمعوا سن الفيل ووحيد القرن ليأخذوا قرنه ليبيعوه ، ذلك ومضينا عنهم على ضفة النيل جنوبا وشاهدنا جبالا شامخة وصخورا ضخمة وبعد عشر ساعات بلغنا عشاير أبو حور.
عشاير أبو حور
إنهم قوم من العرب سود البشرة وزنوج وفقراء ولا يعرفون دينا ولا حشرا ولا نشرا ، وقد تجاوزنا هذه العشائر ، ومضينا خمس ساعات وبلغنا قبيلة سنيال.
قبيلة سنيال
لهذه القبيلة فى الصحراء متراخية الأرجاء أخبية وخيام ، وهم ألفا رجل من المسلمين ولأنهم من العرب فإن وجوه نسائهم مكشوفة ومكثنا فى خيمة شيخ العرب عبد المجيد وقدموا إلينا الأنفحة ، ثم ذبحوا لنا ثلاثة خراف ، وأكرمونا إكراما عظيما ، وأعلفوا خيولنا الذرة البيضاء ، ورأينا جنديا مصريا يلبس حمر السراويل فاطمأنت قلوبنا لعله كان جنديا من إبريم وقدم إلينا بعض رغفان فأكلناها لأن ما كان لدينا من خبز نفذ فأكلنا الزبد بالخبز فكأنما ردت علينا روحنا ، والنيل فى هذه المحلة ينقسم إلى مضايق ، ثم دخلنا فى إقليم إبريم فى طريق حجرى ومضينا فيه سبع ساعات جنوبا بين الصخور حتى وصلنا :
بلدة كوشتامينه
بها مائتا بيت من قصب ، وأهلها مطيعون منقادون ، وبها زاوية ومقهى وفيها قبيلة من عرب كنوز تسكن الخيام ، ومضينا جنوبا خمس ساعات فوصلنا :
بلدة كورت
وفيها ثمانية وسبعون بيتا من قصب وزاوية ، وليس بها مقاه ولا حانة للبوزه ، وبها أيضا قبيلة من عرب كنوز تسكن الخيام ، وهذا الموضع هو حد عرب كنوز وهم لا يمضون إلى إبريم لأن النيل فى هذه المحلة على ضفتيه مروج تزرع بها اللوبياء والبطيخ وبعد خمس ساعات بلغنا بلدة سبوع.