فهو أنهم عثروا على كنزين فى أراضى أسوان الخربة ، وقد قسموا الكنزين بالسويّة عليهم ، وجاءت قبيلة عربية من بعد على أثرهم وطلبت نصيبها إلا أنهم لم يعطوها من الكنزين شيئا ؛ فنشبت الحرب بينهم عبوسا شعواء ، إلا أن رجال القبيلة الذين طلبوا نصيبهم أعملت السيوف والرماح فيهم فسميت القبائل المنهزمة بقبائل القرح وسكنوا جزيرة الشلال وهم الآن على مذهب الإمام مالك ، ويدّعون أنهم من ذرية ابن ذى اليزن ولهم سبعة آلاف محارب ، وفى أول ليلة لنا هناك ضيّفونا وقدموا إلينا الذرة ولحم الإبل ولبن النوق فطعمنا وشربنا ، وهذه القبائل تمضى إلى الحبشة فى الربيع ، لأن منطقة الشلال جبلية متقاربة والزروع بها قليلة نادرة وهؤلاء القوم لديهم كثير من الأنعام فلذلك يمضون إلى الحبشة طلبا للمرعى ، ثم مضينا خمس ساعات وبلغنا قبيلة مهريّه.
قبيلة مهريّه
وحللنا ضيوفا على الشيخ حامد مهرى ، وبها ألف وخمسمائة فقير من سمر البشرة وثوبهم لا يعدو أن يكون ما يستر عورتهم ، وهم على مذهب المهريه وهم ينكرون الحشر والنشر ، ومضينا على ضفة النيل فى طرق ذات أحجار لا تتسع إلا لمرور رجل واحد وسرنا بينما يتبعنا الخدام ، وقطعنا هذه الطرق سيرا على الأقدام ، وقد شق هذا الطريق بن ذى اليزن ولا طريق سواه وبعد ساعتين بلغنا قبائل كلافيش.
قبائل كلافيش
ومعنى كلافيش : الشىء القليل ، وليس لهم خيام ، إنهم جميعا يسكنون الكهوف ، وقد دلنا شيخهم على غار فمضينا بخيولنا إليه وانصرفت عنا شدة القيظ ، إنه غار بارد النسيم ، وفى هذه المنطقة الصخرية ثلاثة آلاف من العرب المتمردين ، ولهم كثير من المعز وليس لديهم أنعام أخرى وطعامهم الذرة ولحم الجمل والتيش وهو كباب التماسيح والمعز ، وهم يجامعون أنثى التمساح ويقولون إنهم حين يجامعون أنثى التمساح يتحلب ريقهم وأنهم قوم جبابرة أشداء من أكل لحم التمساح ويستخرجون من مرارة التمساح حجرا ، وإذا أمسكوا بهذا الحجر استطاع الواحد منهم أن يجامع زوجته أربعين أو خمسين مرة ، وإذا كان هذا الحجر كذلك عند نسائهم فإنهن كذلك لا تهدأ شهوتهن ،