بلدة سبوع
نزلنا عن خيولنا لنشاهدها ، وسقنا الخيول إلى الصحراء وتجولنا ساعة فيها لنشاهدها وعلى ضفة النيل آثار فيلة من الصخر ، وأسود نحتت من الحجر إذا شاهدها الإنسان دخله الخوف الشديد ويظن أن هذه الأسود أسودا حيّة ، إنها تماثيل متقنة الصنع وعلى ضفة النيل كذلك جمال من الحجر الأسود وتنانين لها سبعة رءوس منها المنكس وبعضها ما ساخ فى الرمال إنها تنانين عجيبة وثمة أعاجيب أخرى ، ولكن ليس فى الإمكان ذكرها وربما تحارب موسى ـ عليهالسلام ـ مع فرعون فى هذه المنطقة ، وقد صنع سحرته من سحرهم هذه العجائب ، وقد أوحى إلى موسى آية : (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ) [الشعراء : ٣٢] ، وألقى موسى عصاه المتعددة الرءوس فإذا هى حية تسعى فابتلعت الحية ما صنع السحرة والكهنة بسحرهم من أسود ونمور وتنانين ؛ فهزم فرعون وتعلق بأذيال الفرار ، ولعل ما رأينا من هذه التماثيل هى بقايا هذه الوحوش التى صنعها سحرة فرعون ، وهى التى أصبحت من بعد حجرا بأمر الله ؛ ويسمون هذه البقعة (سبوع) لوجود الأسود بها وفى العربية مائة وثمانون اسم للأسد منها (سبوع) وقد شاهدنا هذه البقعة وتجاوزناها ومضينا أربع ساعات جنوبا ، على شاطئ النيل واجتزنا الصحارى حتى وصلنا :
وادى العرب
اسم محلة واسعة ، وهى سهل ذو مروج ، ويجتمع جميع العرب فيه مرة كل عام ، وفيه يدوم البيع والشراء سبعة أيام وسبع ليال ، ولذلك يسمى وادى العرب ، وعبرنا أراضى خصبة فى الجنوب وبعد أربع ساعات بلغنا تخت أزرق جادو.
أوصاف مدينة تخت أزرق جادو
بناها فرعون أزرق جادو وبعده فتحها ذو النون ثم استولى عليها القبط ودامت فى حوزتهم مئات السنين ، ثم فتحها الأسود بن مقداد قائد عمرو بن العاص ، ثم استولى عليها أهل بربرستان وفونجستان ، وفى عهد السلطان سليمان كان والى مصر الطواشى سليمان باشا فاتح الهند واليمن وأخذ ميناء ديواباد الهندى من البرتغاليين والفرنجة