وفى عهد كتخدا إبراهيم باشا اتفق أن نزل الثلج فى الصباح على مجرى العادة فجعل الأرض بيضاء وفى تلك الأوقات كذلك كان البرد ينزل وكانت الحبة منه تزن أكثر من ثلاثين درهما وعندما كان أبناء العرب يرون الثلج يسأل بعضهم البعض قائلا : إش هذا؟
وكان بعضهم يقول : «إن القطن نزل من السماء» ، أما الترك فكانوا يحمدون الله ويأكلونه. وعندما كان العرب يمسكون الثلج بأيديهم كان يحرقها كأنه النار فكانوا يقولون : «هذا مثل القطن ولكن ناره قوية».
وعندما كانوا يشاهدون البرد يقولون : «وقع من السماء بيض الدجاج».
وحمدا لله فقد اعتدل جو مصر يوما بعد يوم ومضت شدة الحر وهطل غيث الرحمة مما غمر مصر بالخير فما وجد مثلها على وجه الأرض. وأصبحت «أم الدنيا» كأنها العروس فى زينتها ، وبدأ المفتونون بها الاحتيال لصيدها.
أصل تسمية مصر «بأم الدنيا»
تضم مصر ما فى أنحاء الدنيا من جميع المخلوقات والملل الاثنتين والسبعين ، واللغات المائة والأربعين ، والله يبسط الرزق لهذا القدر من المخلوقات كرامة لمصر ولذلك تسمى بأم الدنيا.
وإذا ما ذهبت إلى أى مدينة فى مصر ونظرت فيها نظرة تأمل فلن تجد أحدا يتجاوز الآخر من شدة الزحام ، وفى الطريق العام لا يمكن أن تسمع إلا عبارات مثل : «ظهرك وجنبك ، ووشّك ويمينك ، ويسارك» ولا يمكنك المرور بسهولة من داخل الأسواق من شدة ازدحامها بالخيول والبغال والجمال والحمير والسائقين.
وأهل مصر جميعا من الفلاحين الكادحين ، لذا يعلمون مثل «فرهاد» مما يعود بالنفع على مصر. ويسمونها أم الدنيا لأنها تطعم هذه الدواب والمخلوقات كافة وتطعم الدنيا بأسرها وكأنها أمها وتصدر كل سلعها إلى جميع أرجاء الدنيا.
وإذا ما قحطت الدنيا بأسرها والعياذ بالله فإن مصر تطعمها كأنها أم.