عمرانها وخصوبة أرضها وأصبحت الحبشة والمغرب صحراء ، وقد اجتمع المؤرخون على القول بهذا ، وقد رأيت أثر جريان النيل فى سالف الدهر حفرا فى الأرض ، وكانت منطقة الشلال قديما معمورة فكان فى أسوان حدائق وجنات ألفافا ، وفيها كذلك أثر للعمائر.
وقد دعا موسى ـ عليهالسلام ـ الله على الفراعنة والكهنة والسّحرة فى هذا المكان ومصداق ذلك قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص : ٨٨] ، فتخربت عليهم مائتا بيت.
وثمة جامعان عظيمان قديمان بها ، ولكنهما مع ذلك لا يخلوان من المصلين ، وليس لهما بهاء سائر الجوامع ، ومنهما جامع سيف بن ذى اليزن والآخر جامع عمر ـ رضى الله عنه ـ ولا وجود لسوق ولا خان ولا حمام ، وخرير النيل هناك من الشدة بحيث لا يمكن السّكنى إلى جانبه كما أن الواحد لا يسمع كلام الآخر ، ولكى يمكن لإنسان أن يكلم آخر كلاما يسمعه فينبغى أن يرفع صوته مثل الچاووش ، ويقال إن سبب هذه الجلبة هو أن للنيل رعدا ، وقد غادر السكان هذه المنطقة لأن رشاش النيل يهبط عليهم كأنه الرزاز ويصيب ثيابهم بالبلل.
أوصاف قلعة أبواب
بناها ذو اليزن إنها رباط حصين مستدير على المضيق فى الجانب الشرقى من النيل فى أسوان ، وفيها يسكن قبائل القرح وفيها خمسمائة بيت بعضها من الحصير وبها جامع قديم ، وليس للقلعة رئيس ولا جنود ، وقديما على الصخور التى أمام هذه القلعة كانت تحصى الرسوم من السفن الرائحة والغادية ، وتلك السفن كانت تقف أمام السلسلة التى بين القلعتين حتى تدفع الرسوم المستحقة عليها ، وغادرت قلعة أبواب وانطلقت جنوبا على ضفة النيل ، ومضيت فى طريق كثير الأحجار وسرت فيه ست ساعات ، حتى وصلنا :
قبائل كنوزين
نزلنا ضيوفا فيها على الشيخ على الواسطى ، أما أصل تسمية هذه القبائل بهذا الاسم