ياء ونكّره ثم عين ، ولم يصرح باسم أحد غير أنه ـ رضى الله عنه ـ أشار إلى حرفين صديقين لا منافرة بينهما وهما الياء والعين فالياء حرف ترابى والعين حرف مائى ، ومن المعلوم أن الماء والتراب صديقان ، وهما أعظم آلات العمارة ، فإنه يفهم من قوله بالياء ثم العين أن مراده تعريف اسم من يتولى أمر عمارتها صدق على الرّضىّ السخىّ.
وفى أسوان كثير من رموز لكنوز ، لأن أسوان بلد من سبعة بلاد على وجه الأرض ، لقد شاهدت أسوان ولكنى لم أجد فيها وقتا لراحتى لأن فى أرضها مئات الآلاف من كبار الأولياء والشهداء والصحابة الكرام الذين قدموا من مصر مع الفتح ، ولهم قبور لا سبيل إلى حصرها لكثرتها ، وقد قرأت سورة يس لأرواحهم الشريفة ، وشاهدت فى جنوب أسوان على ضفة النيل سدود خيط العجوز ورأيت التماسيح فى جزر الشلالات ، وبعد أربع ساعات وصلنا إلى شلال المضيق.
أوصاف شلالات المضيق
إنه لشلال عظيم ، وهو مشهور لدى العرب والعجم والروم ، وقد سبق أن وصفناه ، وهذا الشلال به صخور يضرب لونها إلى الشّهبة. وفى هذه المحلة أعشاش الصقور والنسور والغربان ، وهناك جبل مهيب مخوف ، ويعبر التجار هذا المضيق ويذهبون إلى القرى ، والصخور فى هذا المضيق متقاربة ، وتلاطم مياه النيل يصم الآذان ، ورشاش ماء النيل يجعل الجو ممطرا ويصاب من على مقربة منه بالبلل ، وإذا حل الشتاء وغاض ماء النيل ظهرت أحجار كأنها قباب الحمامات ، ويدفع الماء الإنسان من صخرة إلى صخرة ويستطيع أن يعبر بين الضفتين ، وفى سالف الدّهر حينما كان هذا المضيق مسدودا ، كان النيل ينشعب إلى رافدين فيجرى فى ترعة إلى إقليم الحبشة وفى الأخرى إلى إقليم علوى واختلط ماؤه بماء البحر الأحمر بواسطة السواقى على الترعة التى تتجه إلى إقليم الحبشة وآثار ذلك اليوم باقية فى موضعها.
وبعد الطوفان أحاط سيف بن ذى يزن بعلم الهندسة وشتى العلوم والفنون ، وأنس برأى الكاهنين صفوايم ومحرايم ؛ فشق فى الجبال شقا ، أما سبب جريان النيل إلى مصر الآن فهو مردود إلى سيف بن ذى اليزن ، وكان جريان النيل إلى مصر سببا فى