شهدت تتابع الأملاك منا |
|
وأدركت الموفّق في القضايا |
فماتوا أجمعون وصرت حلسا (١) |
|
صريحا لا أبوح الى الجلايا |
قال عبد الرّحمن :
وكنت لا أزال إذا قدمت إلى اليمن نزلت عليه ، فيسألني عن مكة والكعبة وزمزم ويقول هل ظهر فيكم رجل له نبه؟ له ذكر؟ هل خالف أحد منكم عليكم في دينكم؟ فأقول : لا ، فأسمّي له من قريش وذوي الشرف حتى قدمت القدمة التي بعث فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم [بعقبها](٢) فوافيته وقد ضعف ، وثقل سمعه ، فنزلت عليه واجتمع عليه ولده ، وولد ولده فأخبروه بمكاني ، فشدّ عليه عصابة على عينيه وأسند (٣) فقعد فقال لي : انتسب لي يا أخا قريش ، فقلت له : أنا عبد الرّحمن بن عوف بن عبد عوف بن الحارث بن زهرة ، قال : حسبك يا أخا زهرة ، ألا أبشرك ببشارة وهي خير لك من التجارة؟ قلت : بلى ، قال : أنبئك بالمعجبة وأبشرك بالمرغبة إن الله عزوجل قد بعث ، في الشهر الأول من قومك نبيا ، ارتضاه صفيا وأنزل عليه كتابا ، وجعل له ثوابا ، ينهى عن الأصنام ، ويدعو إلى الإسلام ، يأمر بالحق ويفعله ، وينهى عن الباطل ويبطله ، قال : فقلت : ممن هو؟ قال : لا من الأزد ، ولا ثمالة ، ولا من السرو (٤) ، ولا تبالة (٥) هو من بني هاشم وأنتم أخواله ، يا عبد الرّحمن ، اخف الوقعة ، وعجّل الرجعة ، ثم امض ووازره ، وصدّقه واحمل إليه هذه الأبيات :
أشهد بالله ذي المعالي |
|
وفالق الليل والصباح |
إنك في السّرو من قريش |
|
يا ابن المفدى من الذّباح |
أرسلت تدعو إلى يقين |
|
ترشد للحق والفلاح |
هدّ كرور السنين ركني (٦) |
|
عن بكير (٧) السّير والرواح |
فصرت حلسا لارض بيتي |
|
قد قصّ من قوتي جناح |
إذا نأى بالديار بعد |
|
فأنت حرزي ومستراح |
أشهد بالله ربّ موسى |
|
أنك أرسلت بالبطاح |
__________________
(١) حلسا : يقال فلان حلس بيته : إذا لم يبرحه (اللسان).
(٢) الزيادة للإيضاح عن المختصر.
(٣) في المختصر : واشتد.
(٤) السرو : منازل حمير بأرض اليمن (انظر معجم البلدان).
(٥) تبالة : موضع بأرض اليمن (انظر معجم البلدان).
(٦) المختصر : ركبي.
(٧) الأصل : بكر ، والمثبت عن المختصر.