فكن شفيعي إلى مليك |
|
يدعو البرايا إلى الفلاح |
قال عبد الرّحمن : فحفظت الأبيات وأسرعت ، في تقصّي حوائجي ، حتى إذا أحكمت منه ما أردت ودّعته وانصرفت ، فقدمت مكة فلقيت أبا بكر رضياللهعنه وكان خليطا (١) ، فأخبرته الخبر مما سمعت من الحميري ، فقال : هذا محمد بن عبد الله ، قد بعثه الله رسولا إلى خلقه ، فأته ، فأتيته وهو في بيت خديجة فاستأذنت عليه ، فلما رآني ضحك وقال : أرى وجها خليقا أرجو له خيرا ، ما وراءك يا أبا محمّد ، قلت : وما ذاك يا محمّد ، قال : حملت إليّ وديعة؟ أو أرسلك إليّ مرسل برسالة؟ هاتها ، فهاتها أما إن أخا حمير من خواصّ المؤمنين. قال عبد الرّحمن بن عوف : فأسلمت وشهدت أن لا إله إلّا الله وأنشدته شعره وأخبرته بقوله. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ربّ مؤمن بي ، ولم يرني ، ومصدّق بي وما شهدني. أولئك إخواني حقا قال عبد الرّحمن ، وأنا الذي أقول في إسلامي :
أجبت منادي الله لمّا سمعته |
|
ينادي إلى الدّين الحنيف المكرّم |
فقلت له بالبعد لبّيك داعيا |
|
إليك متابي بل إليك تيمّم |
أجوب الفيافي من أفاويق حمير |
|
على خلعم (٢) جلد القوائم صلقم (٣) |
بأنباء صدق علمتها موفق |
|
ولا العلم إلّا باطلاب التعلم |
فكم مخبر بالحقّ في الناس ناصح |
|
وآخر أفّاك كثير التوهم |
ألا إنّ خير الناس في الأرض كلّهم |
|
نبيّ جلا عنا شكوك الترجم |
نبيّ أتى والناس في أعجمية |
|
وفي سدف في ظلمة الكفر معتم |
فأقشع بالنّور المضيء ظلامة |
|
وساعده في أمره كلّ مسلم |
وخالفه الأشقون من كلّ فرقة |
|
فسحقا لهم في قعر مهوي جهنم |
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٤) ، أنا محمّد بن عمر ، نا محمّد بن صالح ، عن يزيد بن رومان قال : أسلم عبد الرّحمن بن عوف قبل أن يدخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم دار أرقم بن أبي الأرقم ، وقبل أن يدعو فيها.
__________________
(١) الخليط : الصاحب (اللسان : خلط).
(٢) كذا بالأصل : خلعم ، وفي المختصر : جلعم ، وهو أقرب إلى المعنى : وناقة جلعم : هرمة.
(٣) الصلقم : الضخم من الإبل (اللسان : صلقم).
(٤) طبقات ابن سعد ٣ / ١٢٤.