الأنباري ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر بن محمّد بن أبي الكرام ـ قراءة عليه في منزله ـ أخبرنا أبو العباس أحمد بن الحسن (١) بن عتبة الرازي ، نا المقدام بن داود بن تليد الرّعيني ، نا عمي ، نا بشر بن بكر ، قال :
كان وال بالشام قد أراد الأوزاعي على شيء فلم يجده عنده ، قال : فهمّ به أن يؤذيه قال : فقال له بعض من يعتاده : لا تفعل ، فإنه لا مقام لك بالشام مع الأوزاعي ، فإن يكن من أمير المؤمنين شيء كان من غيرك ، قال : فكفّ عنه ، قال : فبينما هم كذلك إذ جاءه كتاب أن يخرج إلى فلان الشاري فيقابله قال : فقال (٢) له أولئك : الآن جاءك ما تحب منه ، لو ضربت رقبته لم يجبك فيه شيء ، قال : فأرسل إليه ، فاجتمع واجتمع من كان يوليه على الأوزاعي وغيرهم ، قال : فقال له الوالي : يا أبا عمرو هذا كتاب أمير المؤمنين يأمر فيه بالخروج إلى هذا الظالم الشاري ، قال : فقال له الأوزاعي : حدثني يحيى بن أبي كثير اليمامي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنما الأعمال بالنية ، ولكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه» [٧١٤٩] ، قال : فقال له الوالي : أخبرك عن كتاب أمير المؤمنين وتعارضني بغيره ، قال : فقال له الأوزاعي : اسكت أخبرك عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وتعارضني بغيره ، قال : فأشار إليه بعض من كان يوليه عليه بيده أن يسكت ، قال : فقال له : انصرف يا أبا عمرو ، قال : فلما قام قال لهم الوالي : هذا رجل معصوم ، قال : فقال لهم الوالي : لمن كان يوليه إشارتكم إلي أن أسكت لم كان؟ قالوا : لو أشار إلى أهل الشام لضربت عنقك (٣).
أنبأنا أبو القاسم عبد المنعم بن علي بن أحمد ، أنا علي بن الخضر بن سليمان ، أنا عبد الوهاب الميداني ، نا أبو هاشم عبد الجبار بن عبد الصمد ، نا عبد الله بن أحمد بن زبر ، نا الحسن بن جرير ، نا عبد الحميد بن بكار ، قال : سمعت ابن أبي العشرين (٤) قال :
سمعت أميرا كان بالساحل يقول ـ وقد دفنا الأوزاعي ، ونحن عند القبور : ـ رحمك الله أبا عمرو ، فلقد كنت أخافك أكثر ممن ولّاني.
__________________
(١) في م : أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة ، وهو الصواب ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ١١٣.
(٢) الأصل وم : فقالوا.
(٣) في م : رقبتك.
(٤) سير أعلام النبلاء ٧ / ١٢٦ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ١٤١ ـ ١٦٠ ص ٤٩٦) والبداية والنهاية بتحقيقنا ١٠ / ١٢٧.