بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى)(١) ، قال : يا داود إذا قعد الخصمان بين يديك فكان لك في أحدهما هوى فلا تتمنين في نفسك أن يكون الحق له ، فيفلج على صاحبه ، فأمحوك من نبوّتي ، ثم لا تكون خليفتي ولا كرامة يا داود ـ زاد الأكفاني : أي وقالوا ـ إنّما جعلت رسلي إلى عبادي رعاء كرعاء الإبل لعلمهم بالرعاية ورفقهم بالسياسة ليجبروا الكسير ، ويدلوا الهزيل على الكلأ والماء.
يا أمير المؤمنين إنّك قد بليت بأمر لو عرض على السموات والأرض والجبال لأبين أن يحملنه وأشفقن منه.
يا أمير المؤمنين حدثني يزيد بن جابر عن عبد الرّحمن بن أبي عمرة الأنصاري أن عمر بن الخطاب.
استعمل رجلا من الأنصار على الصدقة ، فرآه بعد أيام مقيما ، فقال له : ما منعك من الخروج إلى عملك ، أما علمت أن لك مثل أجر المجاهد في سبيل الله ، قال : لا ، قال : وكيف ذلك؟ قال : لأنه بلغني أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ما من وال يلي شيئا من أمور الناس إلّا أتي به يوم القيامة ـ زاد زاهر والمروزي : يده مغلولة إلى عنقه ـ فيوقف على ـ وقال الأكفاني : فوقف على ـ جسر في النار ينتفض به ذلك الجسر انتفاضة يزيل كلّ عضو منه عن موضعه ثم يعاد ، فيحاسب ، فإن كان محسنا نجا بإحسانه ، وإن كان مسيئا تخرّق به ذلك الجسر ، فهوى ـ وقال الأكفاني : وهوى به ـ في النار سبعين خريفا» [٧١٤٤] قال له : ممن سمعت هذا؟ قال : من ـ وقال المروزي : عن ـ أبي ذرّ وسلمان (٢) ـ فأرسل إليهما عمر ، فسألهما ، فقالا : نعم ، سمعناه من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال عمر : وا عمراها من يتولاها بما فيها ، فقال أبو ذرّ : من سلت (٣) الله أنفه وألصق خده بالأرض ، فقال : فأخذ المنديل فوضعه على وجهه ثم بكى وانتحب حتى أبكاني ثم قلت : يا أمير المؤمنين قد سأل جدك العباس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ وقال الأكفاني : النبي ـ إمارة على مكة أو الطائف ـ وقال الأكفاني : أو على الطائف واليمن ـ فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «يا عباس ، يا عمّ النبي نفس تنجيها خير من إمارة (٤) لا تحصيها» [٧١٤٥] نصيحة منه لعمّه ، وشفقة منه عليه ، وأنه لا يغني عنه من الله شيئا إذ أوحي إليه : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ
__________________
(١) سورة ص ، الآية : ٢٦.
(٢) بالأصل : سليمان ، تصحيف ، والمثبت عن م.
(٣) سلت أنفه : جدعه وقطعه.
(٤) بالأصل : امرة ، والمثبت عن م.