بلية ـ أدخلتها عليه ، أو ظلامة سقتها إليه؟
يا أمير المؤمنين حدثني مكحول عن عروة بن رويم قال :
كانت بيد رسول الله صلىاللهعليهوسلم جريدة (١) رطبة ـ ولم يقل ابن الأكفاني رطبة ـ وقال : يستاك بها ، ويردع بها المنافقين ، فأتاه جبريل ، فقال : يا محمّد ، ما هذه الجريدة التي قد كسرت بها قرون أمّتك ، وملأت بها قلوبهم ـ وقال ابن الأكفاني : ملأت قلوبهم رعبا ـ فكيف بمن شقق أبشارهم (٢) ، وسفك دماءهم ، وخرّب ديارهم ، وأجلاهم عن بلادهم ، وغيّبهم الخوف منه.
يا أمير المؤمنين حدّثني مكحول عن زياد بن جارية ، عن حبيب بن مسلمة.
أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم دعا إلى القصاص من نفسه في خدشة خدشها ـ وقال ابن الأكفاني : في خدش خدشه أعرابيا ـ لم يتعمده ، فأتاه جبريل فقال : يا محمّد إنّ الله لم يبعثك جبارا ، ولا متكبرا ، فدعاه النبي صلىاللهعليهوسلم ـ وفي حديث ابن الأكفاني : فدعا النبي صلىاللهعليهوسلم ـ الأعرابي ، فقال : أتضربني؟ قال الأعرابي قد أحللتك بأبي أنت وأمي ، وما كنت لأفعل ذلك أبدا ، ولو أتيت على نفسي ، فدعا الله له بخير.
يا أمير المؤمنين ، رضّ نفسك لنفسك ، وخذ لها الأمان من ربّك ، وارغب في جنة عرضها السموات والأرض التي يقول فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم لقاب ـ وفي حديث ابن الأكفاني : لقيد ـ قوس ، أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما فيها ـ وقال ابن الأكفاني : بما فيها ـ يا أمير المؤمنين ، إنّ الملك لو بقي لمن كان ـ وفي حديث الأكفاني : لمن قبلك ـ لم يصل إليه ، وكذلك لا يبقى لك كما لم يبق لغيرك ، يا أمير المؤمنين ما جاء في تأويل هذه الآية عن جدك (ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها)(٣) ، قال : الصغيرة : التبسم ، والكبيرة : الضحك ، فكيف بما عملته ـ وقال المروزي : بما عملت ـ وقال الأكفاني : بما قد عملته الأيدي وأحصته الألسن.
يا أمير المؤمنين بلغني أن عمر بن الخطاب قال : لو ماتت سخلة على شاطئ الفرات ضيعة لخفت أن أسأل عنها ، فكيف بمن حرم عدلك وهو على بساطك ، يا أمير المؤمنين تدري ما جاء في تأويل هذه الآية عن جدك : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ
__________________
(١) الجريدة : السعفة الطويلة الرطبة.
(٢) الأبشار جمع الجمع ، ج بشر وهي جمع بشرة.
(٣) سورة الكهف ، الآية : ٥٠.