وكانت تعزّ على أهلها |
|
وأعزز بها اليوم أيضا دفينا |
لقد غيّب القبر في لحده |
|
وقارا نبيلا وبرّا ودينا |
وشيخي والأهل فارقتهم |
|
وكنت أراهم رفاقا عزينا |
كأنّ تأوّب أهليهم |
|
حنين عشار تحبّ الحنينا |
وأخوان صدق لحقنا بهم |
|
وقد كنت بالقرب منهم ضنينا |
وأوحشت في الدار من بعدهم |
|
أظلّ على ذكرهم مستكينا |
أرى الناس يبكون موتاهم |
|
وما الحيّ أبقى من الميتينا |
أليس مصيرهم للفناء |
|
وإن عمّر القوم أيضا سنينا |
يساقون سوقا إلى يومهم |
|
فهم في السياق وما يشعرونا |
فإن كنت تبكين من قد مضى |
|
فأبكي (١) لنفسك في الهالكينا |
وابكي (٢) لنفسك جهد البكاء |
|
إن كنت تبكين ، أو تفعلينا (٣) |
فإنّ السبيل لكم واحد |
|
سيتبع الآخر الأوّلينا |
وإن كنت بالعيش مغترّة |
|
تمنيك (٤) نفسك فيها الظنونا |
فغادي قبورك ثم انظري |
|
مصارع أهلك والأقربينا |
إلى أين صاروا ، وما ذا لقوا |
|
وكانوا كمثلك في الدّور حينا |
وأين الملوك ، وأهل الحمى (٥) |
|
ومن كنت ترضين ، أو تحذرينا |
وأين الذين بنوا قبلنا |
|
قرونا تتابع تتلو القرونا |
أتيت بسنّين قد رمّتا |
|
من الحصن لمّا أثاروا الدفينا |
على وزن منّين أحدهما |
|
تقلّ به الكفّ شيئا رزينا |
ثلاثين أخرى على قدرها |
|
تباركت يا أحسن الخالقينا |
فما ذا يقوم لأجرامهم |
|
وما كان يملأ تلك البطونا |
إذا ما تذكّرت أجسامهم |
|
تصاغرت النّفس حتى تهونا |
وكلّ على ذاك لاقى الردى |
|
فنادوا جميعا فهم خامدونا |
__________________
(١) في المختصر ١٤ / ٢٩ فبكّي.
(٢) في المطبوعة : وبكّي.
(٣) المطبوعة : تعقلينا.
(٤) المطبوعة : وتمنيك.
(٥) في المطبوعة : وأهل الحجى.