دمائنا (١) والافواهُ تتحلّب من لحومنا ، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل (٢) وتُعفّرها أمّهاتُ الفراعل (٣) . ولئن اتخذتنا مغنماً لتجدننا وشيكاً مغرماً حين لا تجد إلا ما قدّمت يداك وما ربك بظلّام للعبيد . فالى الله المشتكى ، وعليه المعوَّل ، فكدْ كيدك . واسْعَ سعيك ، وناصبْ جُهدك فوالله لا تمحو ذكرنا (٤) ولا تُميت وحينا ، ولا تدرك أمدَنا ، ولا يُرحض عنك عارُها ، وهل رأيك إلا فَنَد (٥) وأيامُك إلا عددْ ، وجمعُك إلا بَددْ ، يوم ينادى المنادى ألا لعنة الله على الظالمين . فالحمد لله رب العالمين . الذي ختم لأوّلنا بالسعادة والمغفرة ، ولآخرنا بالشهادة والرحمة ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب ويُوجب لهم المزيد ، ويُحسنْ علينا الخلافة ، إنه رحيم ودود وهو حسبنا ونعم الوكيل .
فقال يزيد في جوابها :
يا صيحة تحمد من صوائح |
|
ما أهون النوح على النوائح |
أرأيت ابنة علي وموقفها الذي تعجز عنه أبطال الرجال . . تأمل في كلامها الطافح بالعزة والإباء . والمملوء جرأة وإقداما ، والمشحون بالابهة والعظمة ، بعدم المبالاة بكل ما مرّ عليها من المصائب والنوائب
__________
(١) تنطف : اي تقطر .
(٢) العواسل : الذئاب . |
(٣) الفراعل : ولد الضبع . |
(٤) تقول عليها السلام انك بقتلك للحسين قد قضيت على اسمه فهيهات لا تمحو ذكرنا ، ولقد صدقت ربيبة الوحي فهذه الاثار الباقية لأهل البيت والثناء العاطر ، وهذه قبابهم المقدسة مطافاً لعامة المسلمين ، يبتهلون الى الله في مشاهدهم :
السلام عليكم يا اهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ، وخزان العلم ومنتهى الحلم واصول الكرم ، وقادة الامم الى آخر الزيارة .
(٥) الفند : الكذب .