من الجن ، قال : فو الله ما عدا أن قالها ، فقامت كلّ شعرة مني واجتذبته بيدي ، فقلت : إنك من أهل الأرض وتبدو (١) لي هكذا ، واجتذبته ، فإذا ليس له سفلة فانكسر ، فقلت : إلي تبدو (٢) وأنت من أهل الأرض ، وانقمع مني ، فذهب فجاء (٣) أصحابي ، قالوا : أين صاحبك؟ قلت : كان والله رجلا من الجن ، فذهب ، قال : ما بقي رجل ممن رآه إلّا ضرب به الأرض ساقطا ، فأخذت كلّ رجل منهم فشددته على بعيره بين شعبتي رحله حتى أتيت بهم أمج (٤) وما يعقلون.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا عبد الرّحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر ، وابنه أبو علي أحمد ، وأبو الحسين عبد الوهّاب بن جعفر بن علي الميداني ، وأبو نصر عبد الوهّاب بن عبد الله بن عمر المرّي ـ واللفظ لابن أبي نصر ـ قالوا : أنا أبو سليمان محمّد بن عبد الله بن أحمد بن زبر ، نا أبي ، نا جعفر بن محمّد بن شاكر الصائغ ، نا إسحاق بن إسماعيل ، نا معاذ بن عبد الوهّاب ، عن سفيان بن عيينة ، قال :
قال ابن الزبير : دخلت المسجد ذات ليلة فإذا نسوة يطفن بالبيت ، فأعجبنني (٥) ، فلما قضين طوافهنّ خرجن مما يلي باب الحذائين ، فقلت : لأتبعهن حتى أعرف مواضعهن ، فما زلن يمشين حتى أتين العقبة ، ثم صعدان العقبة ، وصعدت خلفهنّ ، ثم هبطن ، وهبطت خلفهنّ ، حتى أتين فجّا فدخلن في خربة ، فدخلت في إثرهن ، فإذا مشيخة جلوس ، فقالوا : ما جاء بك يا ابن الزبير؟ فقلت لهم : ومن أنتم؟ قالوا : نحن الجن ، قلت : إني رأيت نسوة يطفن بالبيت ، فأعجبنني (٦) فاتبعتهنّ حتى دخلت هذا الموضع ، فقالوا : إنّ أولئك نساؤنا ، تشهّى يا ابن الزبير ما شئت ، قلت : أشتهي رطبا وما بمكة يومئذ من رطبة ، فأتوني برطب ، فأكلت ، ثم قالوا لي : احمل ما بقي معك ، قال : فحملته ورجعت ، وأنا أريد أن أريه أهل مكّة حتى دخلت منزلي فوضعته في سفط ثم وضعت السفط في صندوق ، ثم وضعت رأسي فو الله إني لبين النائم واليقظان إذ
__________________
(١) بالأصل وم : تبدا.
(٢) بالأصل وم : تبدا.
(٣) في م : فجاءني.
(٤) أمج : بالجيم وفتح أوله وثانيه ، بلد من أعراض المدينة (ياقوت).
(٥) عن م وبالأصل : فأعجبتني.
(٦) عن م وبالأصل : فأعجبتني.