لأصحابي : احموا لي ظهري ، فو الله ما شئت (١) أن خرقت الصف إليه ، فخرجت صامدا له وما يحتسب هو ولا أصحابه إلّا أني رسول إليه حتى دنوت منه ، فعرف الشرّ فثنى (٢) برذونه موليا ، وأدركته فطعنته ، فسقط ، وسقطت الجاريتان عليه ، وأهويت إليه مبادرا فذففت (٣) عليه بالسيف ، وأصبت يد إحدى الجاريتين فقطعتها ثم احتززت رأسه فنصبته في رمحي وكبّرت ، وحمل المسلمون في الوجه الآخر الذي كنت فيه وارفضّ العدو في كل وجه ، ومنح الله المسلمين أكتافهم.
فلما أراد ابن أبي سرح أن يوجّه بشيرا إلى عثمان قال : أنت أولى من هاهنا بذاك ، فانطلق إلى أمير المؤمنين فأخبره الخبر ، فقدمت على عثمان فأخبرته بفتح الله ونصره وصنعه ، ووصفت له أمرنا كيف كان ، فلما فرغت من ذلك قال : هل تستطيع أن تؤدي هذا (٤) إلى الناس ، قال : قلت : وما يمنعني من ذاك؟ قال : فاخرج إلى الناس فأخبرهم ، فخرجت حتى جئت المنبر ، فاستقبلت الناس ، فتلقاني وجه أبي الزبير بن العوّام ، فدخلتني له هيبة ، فعرفها أبي في وجهي فقبض قبضة من حصى وجمع وجهه في وجهي وهمّ أن يحصبني فاعتزمت (٥) فتكلّمت ، فزعموا أن الزبير لما فرغ من كلامه قال : والله لكأني سمعت كلام أبي بكر الصدّيق ، من أراد أن يتزوّج امرأة فلينظر إلى أبيها وأخيها ، فإنها تأتيه بأحدهما.
وبشّر عبد الله بن الزبير مقدمه من أفريقية بابنه (٦) خبيب بن عبد الله ، وعروة بن الزبير ، وكان خبيب أكبر من عروة ، وكان عبد الله يكنى أبا بكر ، ويكنى أبا خبيب بابنه خبيب بن عبد الله.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا عمر بن عبيد الله بن البقّال ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا عثمان بن أحمد ، نا حنبل بن إسحاق ، نا إبراهيم بن مهدي ، نا
__________________
(١) كذا بالأصل ، وإعجامها مضطرب في م ، وفي المطبوعة : «فما نشبت» وفي نسب قريش : «فما كان إلّا أن خرقت ..».
(٢) في نسب قريش : «فقبل برذونه» وفي تاريخ الإسلام : «فتبادر برذونه» وفي سير الأعلام : «فثابر برذونه».
(٣) بالأصل وم : «فدققت» والمثبت عن نسب قريش.
(٤) في م : ذلك.
(٥) بالأصل : فأعرمت ، وفي م : «فأعزمت» والمثبت عن نسب قريش.
(٦) بالأصل وم : «بأبيه» خطأ والصواب عن نسب قريش.