غلاما من الغلمان أن يتكلم ، فقام (١) عبد الله بن الزبير ، فتكلم فأبلغ وأصاب ، فما فرغ حتى ملأهم عجبا ، فنزل عثمان وذهب ابن الزبير إلى أبيه ، فقال : إذا أردت أن تتزوّج امرأة فانظر إلى أبيها ، وأخيها ، قبل أن تتزوجها ، كأنه يشبّه ـ يعني بلاغته ـ ببلاغة جدّه أبي بكر.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا أبي علي ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو عبد الله الزبير بن بكار ، قال ؛ وحدّثني عمي مصعب بن عبد الله (٢) قال : غزا عبد الله بن الزبير إفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري ، فحدّثني الزبير بن خبيب (٣) وأبي عبد الله بن مصعب ، قالا : قال عبد الله بن الزبير : هجم علينا جرجير في معسكرنا في عشرين ومائة ألف فأحاطوا بنا من كل مكان وسقط في أيدي المسلمين ونحن في عشرين ألفا من المسلمين ، واختلف الناس على ابن أبي سرح ، فدخل فسطاطا له فخلا فيه ، ورأيت غرة من (٤) جرجير بصرت به خلف عساكره على برذون أشهب معه جاريتان تظلان (٥) عليه بريش الطواويس بينه وبين جنده أرض بيضاء ليس فيها أحد ، فخرجت أطلب ابن أبي سرح فقيل قد خلا في فسطاطه ، فأتبت حاجبه ، فأبى أن يأذن لي عليه ، فدرت من كسر الفسطاط فدخلت عليه ، فوجدته مستلقيا على ظهره ، فلما دخلت فزع واستوى جالسا ، فقلت : إيه إيه كلّ أزبّ نفور (٦) ، فقال : ما أدخلك عليّ يا ابن الزبير؟ قلت : رأيت عورة من العدو ، فأخرج فاندب إليّ الناس ، قال : وما هي؟ قال : فأخبرته ، فخرج معي سريعا ، فقال : أيها الناس انتدبوا مع ابن الزبير ، فاخترت ثلاثين فارسا ، وقلت لسائرهم : البثوا على مصافّكم ، وحملت في الوجه الذي رأيت فيه جرجير ، وقلت
__________________
(١) في م : فقال.
(٢) الخبر في نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٢٣٧ ـ ٢٣٨ وتاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠ ص ٤٤٠ ـ ٤٤١) وسير أعلام النبلاء ٣ / ٣٧١.
(٣) بالأصل وم : حبيب ، خطأ والصواب عن المصادر السابقة.
(٤) عن م والمصادر السابقة ، وبالأصل : بن.
(٥) كذا بالأصل وم وتاريخ الإسلام ، وفي سير الأعلام : تظلّلان.
(٦) الأزب من الإبل الكثير شعر الأذنين والعينين.
ولا يكون الأزب إلّا نفورا ، لأنه ينبت على حاجبيه شعرات ، فإذا ضربته الريح نفر (اللسان زبب)