أن جعفر بن أبي طالب حين قتل ، دعا الناس : يا عبد الله بن رواحة ، يا عبد الله بن رواحة ـ وهو في جانب العسكر ومعه ضلع جمل ينهشه ـ ولم يكن ذاق طعاما قبل ذلك بثلاث ، فرمى بالضّلع ، ثم قال : وأنت مع الدنيا ، ثم تقدّم فقاتل ، فأصيب إصبعه فارتجز ، فجعل يقول :
هل أنت إلّا إصبع دميت |
|
وفي سبيل الله ما لقيت |
يا نفس إلّا تقتلي تموتي |
|
هذا حياض الموت قد صليت |
وما تمنّيت فقد لقيت |
|
إن تفعلي فعلهما هديت |
وإن تأخّرت فقد شقيت (١) |
ثم قال : يا نفس إلى أي شيء تتوقين إلى فلانة فهي طالق ثلاثا ، وإلى فلان وفلان ـ غلمان (٢) له ـ وإلى معجف : ـ حائط له ، فهو لله ورسوله [ثم قال :](٣)(٤)
يا نفس ما لك تكرهين الجنّة |
|
أقسم بالله لتنزلنّه |
طائعة أو لتكرهنّه |
|
فطال ما قد كنت مطمئنّة |
هل أنت إلّا نطفة في شنّة |
|
قد أجلب الناس وشدّوا الرّنّة (٥) |
أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن علي بن أبي العلاء ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا عثمان بن أحمد بن عبد الله ، نا محمّد بن أحمد بن النصر ، نا معاوية بن عمرو ، عن أبي إسحاق الفزاري ، عن أبي حمّاد الحنفي ، عن أبيه ، عن مصعب بن شيبة قال :
__________________
(١) مرّ الرجز ، وانظر سير أعلام النبلاء ١ / ٢٤٠ وسيرة ابن هشام ٤ / ٢١ والحلية ١ / ١٢٠ وأسد الغابة ٣ / ١٣٣ والاستيعاب ٢ / ٢٩٥ (هامش الإصابة).
(٢) زيد بعدها في أسد الغابة : فهم أحرار.
(٣) ما بين معكوفتين زيادة للإيضاح عن أسد الغابة.
(٤) مرّ الرجز قريبا.
(٥) أجلب القوم : أي صاحوا واجتمعوا. والرنّة : صوت فيه ترجيع شبه البكاء.